للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين القرّاء فى زمن عثمان بن عفان، واشتد الأمر فيه بينهم، حتى أظهر بعضهم إكفار بعض والبراءة منه، وخافوا الفرقة، فاستشار عثمان الصحابة فى ذلك، فجمع الله سبحانه وتعالى الأمة بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد، هو آخر العرضات من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وجمع عثمان القوم عليه وأمر بتحريق ما سواه قطعا لمواد الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه فى حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق الصحابة» «١».

وهذا الرأى الذى اخترناه هو رأى جماعة من الأئمة الأعلام الثقات، الذين لا يساورنا شك فى سبقهم وعلمهم وفقههم وإمامتهم: سفيان بن عيينة، وابن وهب، وابن جرير الطبرى، والطحاوى. وعليه كثير من العلماء.

أبو طاهر عبد الواحد بن أبى هاشم: «وذلك أن أهل العلم قالوا فى معنى

قوله عليه السلام: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»

: أنهن سبع لغات، بدلالة قول ابن مسعود رضى الله عنه وغيره: إن ذلك كقولك: هلم وتعال وأقبل.

فكان ذلك جاريا مجرى قراءة عبد الله: «إن كانت إلا زقية واحدة» «٢» و «كالصوف المنفوش» «٣».

ثم ذكر أن الأمر بقراءة القرآن على سبعة أحرف كان أمر تخيير، وعلل ذلك بقوله:

«فثبتت الأمة على حرف واحد من السبعة التى خيّروا فيها، وكان سبب ثباتهم على ذلك ورفض الستة ما أجمع عليه صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين خافوا على الأمة تكفير بعضهم بعضا أن يستطيل ذلك إلى القتال وسفك الدماء وتقطيع


(١) انظر شرح السنّة للإمام البغوى ج ٤ ص ٥٠٧ - ٥٠٩، ط. المكتب الإسلامى.
(٢) يس: ٢.
(٣) القارعة: ٣.

<<  <   >  >>