للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرحام، فرسموا لهم مصحفا، أجمعوا جميعا عليه، وعلى نبذ ما عداه لتصير الكلمة واحدة، فكان ذلك حجّة قاطعة، وفرضا لازما.

وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل فى معنى

قول النبى صلّى الله عليه وسلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف».

وذلك من قبل أن كل حرف اختلفت فيه أئمة القراءة لا يوجب إطراء كفرا لمن مارى به فى قول أحد من المسلمين، وقد أثبت النبى صلّى الله عليه وسلم الكفر للممارى بكل حرف من الحروف السبعة التى أنزل بها القرآن».

فإن قيل: فما السبب فى اختلاف هؤلاء الأئمة بعد المرسوم لهم، ذلك شىء تخيّروه من قبل أنفسهم، أم ذلك شىء وقفوا عليه بعد توجيه المصاحف إليهم؟

قيل: لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحى التى وجّهت إليها المصاحف قد كان لهم فى مصرهم ذلك من الصحابة معلمون، كأبى موسى بالبصرة، وعلىّ وعبد الله بالكوفة، وزيد وأبىّ بن كعب بالحجاز، ومعاذ «١» وأبى الدرداء «٢» بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا


(١) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصارى، أبو عبد الرحمن الخزرجى، صحابى جليل القدر، أحد الذين جمعوا القرآن حفظا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت وفاته بالطاعون فى الشام سنة ١٧ هـ (غاية النهاية ٢/ ٣٠١، الإصابة ٣/ ٤٢٦).
(٢) هو عويمر بن مالك (أو ابن عامر، أو ابن ثعلبة، أو ابن عبد الله، أو ابن زيد) قيس بن أمية الخزرجى، أبو الدرداء الأنصارى، صحابى مشهور بكنيته، توفى سنة ٣٣ هـ على خلاف.
(الإصابة ٣/ ٤٥، تهذيب التهذيب ٨/ ١٧٥).

<<  <   >  >>