للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجد القارئ نسخة من التوراة متفقة مع نسخة أخرى من كل وجه، كما أن الإنجيل كذلك، اختلفت نصوصه باختلاف رواته من الحواريين، وهذا الاختلاف أو ذاك لا يقتصر على وجوه النطق مع اتفاق المعنى، ولكنه اختلاف فى اللّفظ والمعنى معا، فهو اختلاف تضاد، وذلك هو الجدير بأن يوصف بالاضطراب وعدم الثبات فى النص.

وليس هذا شأن القرآن كما ادعى «جولد زيهر» فإن القراءات المتعمدة فى القرآن الكريم مع ثبوت نسبتها تتفق فى المعنى وإن اختلفت فى اللّفظ، ويظاهر بعضها بعضا، وليس بينها شىء من التضارب، حتى يوصف القرآن بالاضطراب وعدم الثبات أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «١».

٢ - وادعى «جولد زيهر» أن المسلمين مالوا إلى توحيد النص القرآنى فى كتابة مصحف عثمان رضى الله عنه، ولكنهم لم يحرزوا تقدما كبيرا.

يقول «جولد زيهر»:

«وفى جميع الشوط القديم للتاريخ الإسلامى لم يحرز الميل إلى التوحيد العقدى للنص إلا انتصارات طفيفة .. فليس هناك نص موحّد للقرآن، ومن هنا نستطيع أن نلمح فى

صياغته المختلفة أولى مراحل التفسير، والنص المتلقى بالقبول (القراءة المشهورة) الذى هو لذاته غير موحّد فى جزئياته، يرجع إلى الكتابة التى تمت بعناية الخليفة الثالث «عثمان»، دفعا للخطر الماثل من رواية كلام الله فى مختلف الدوائر على صور متغايرة ... بيد أن هذه الرغبة لم يصادفها التوفيق على طول الخط» «٢».

ولم يثبت أن أحدا من المسلمين مال إلى توحيد نص القرآن حيث لا يوجد اختلاف فى نصه المنزّل، ولو وقع هذا النقل إلينا لتوافر الدواعى على نقله.


(١) النساء: ٨٢.
(٢) المرجع السابق ص ٥ - ٦.

<<  <   >  >>