للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما جمع عثمان رضى الله عنه للمصحف، فلم يكن رغبة فى توحيد النص- كما توهمه «جولد زيهر»، إنما أراد عثمان أن يجمع المسلمين على مصحف واحد، هو المتفق على إنزاله المقطوع به، وهو ما كتب بأمر النبى صلّى الله عليه وسلم، أو ثبت عنه أنه قرأ به، وترك ما عدا ذلك مما كانت القراءة به جائزة توسعة على الناس وتسهيلا عليهم، حتى لا تتسع شقة الخلاف بما يفضى إلى المماراة ويؤدى إلى تكفير بعضهم بعضا، وأحرق ما سوى ذلك من المصاحف تحقيقا لهذا الهدف الأسمى، بإجماع من الصحابة، حتى

قال علىّ رضى الله عنه حين حرق عثمان المصاحف: «لو لم يصنعه هو لصنعته».

وعن مصعب بن سعد «١»، قال: «أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد» «٢».

٣ - وعزّز «جولد زيهر» مزاعمه بما كتبه أستاذ له فقال: «وقد عالج هذه الظاهرة علاجا وافيا وبيّن علاقتها بفحص القرآن زعيمنا الكبير «تيودور نولدكه» فى كتابه الأصيل البكر «تاريخ القرآن» الذى نال جائزة أكاديمية النقوش الأثرية بباريس» «٣».

و «تيودور نولدكه» من كبار المستشرقين الألمان، كان يحسن اللّغات الشرقية كلها، كالعربية، والعبرية، والآرامية، والصابئية، والحبشية وغيرها، من مؤلفاته «تاريخ القرآن» و «حياة النبى محمد» توفى سنة ١٣٤٩ هـ «٤»، وإذا استشهد به «جولد زيهر» فإنه يستشهد برجل على شاكلته، فلا يعتد برأيه.


(١) مصعب بن سعد بن أبى وقاص الزهرى أبو زرارة المدنى، تابعى ثقة- ت ١٠٣ هـ.
تهذيب التهذيب ١٠/ ١٦٠).
(٢) انظر كتاب «المصاحف» لابن أبى داود السجستانى ص ١٩.
(٣) مذاهب التفسير الإسلامى ص ٧.
(٤) انظر: الأعلام ٢/ ٧٩.

<<  <   >  >>