بما بلغه ووثق به من الحديث، وإن قل وعدم تعنيه في جمع غيره إليه، ليفهم دينه ويبين أحكامه قوى عندك ذلك الترجيح. ا. هـ.
وللرد عليه نقول:
أولًا: ما رمي به عمر بن الخطاب من أنه كان يخالف السنة، على مرأى ومسمع من الصحابة، فهذا حكم جائر بالنسبة لعمر بن الخطاب.
أليس عمر هو القائل:"أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم"١، فهل هذا قول صحابي يفهم أن السنة ليست دينا عاما دائما، ويتعمد مخالفتها، أو هو قول من عرف للسنة قدرها، وحذر الناس عن مخالفتها، ونعى على أصحاب الرأي آراءهم المعارضة لها.
أما ما ورد من حكم بعض الصحابة والتابعين، أو الأئمة المجتهدين على خلاف بعض الأحاديث، فإن لهم أعذارا تكلمنا عليها في مقدمة كتابنا هذا ينبغي للقارئ الرجوع إليها، ليتضح له المقام بما يرفع الملام عن هؤلاء الأئمة.
ثانيا: يرمي الأستاذ علماء المسلمين في القرنين الأول، والثاني بعدم اهتمامهم بجمع الأحاديث، وأنت أيها القارئ إذا اطلعت على ما كتبناه، عن رحلة العلماء من الصحابة، والتابعين في القرن الأول وأعمال الأئمة في القرن الثاني، فإنك ترى العجب. ترى جهودا جبارة، بذلت في سبيل جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعناية فائقة بتمحيص الأسانيد، ونقد المتون ومناهضة الوضاعين بما لم يتوفر لدى أمة من الأمم.