السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل يمكن أن نطلق اسم "مدرسة" على أي دراسة نحوية تمت في خلال الفترة موضوع الدراسة؟
ولكي نجيب عن السؤال يجب أولًا أن نوضح النقاط الآتية:
١- ماذا نفهم من المصطلح "مدرسة نحوية".
٢- الأساس الذي بني عليه تقسيم الدراسة النحوية العربية إلى مدارس.
٣- عدد هذه المدارس حتى نهاية القرن الرابع الهجري.
أما بالنسبة للنقطة الأولى؛ فإن هذا المصطلح يعني -في نظرنا- وجود جماعة من النحاة، يصل بينهم رباط من وحدة الفكر والمنهج في دراسة النحو. ولا بد أن يكون هناك الرائد الذي يرسم الخطة ويحدد المنهج، والتابعون أو المريدون الذين يقتفون خطاه، ويتبنون منهجه، ويعملون على تطويره والدفاع عنه. فاستمرار النظرية -أو المنهج- ودوامها عبر السنين شرط أساسي لتكون المدرسة التي لا يمكن أن تستحق هذا الاسم، أو يعترف بوجودها بمجرد مولد النظرية أو خلقها، حتى تعيش ويكتب لها البقاء لبعض الوقت بين المريدين.
ومن ناحية أخرى فنحن لا نوافق على اتخاذ المعيار الجغرافي أساسًا لتقسيم العلوم إلى مدارس فكرية مختلفة، إن وجود جماعة من الدارسين في مكان واحد لا يكفي مطلقًا لتشكيل مدرسة، أو لأحقية ربطهم جميعًا برباط واحد، اللهم إلا إذا وجد الخيط الذي يصل بينهم، والخطة أو النظرية التي يشتركون في تطبيقها. وعلى هذا يكون المرشح لأحقيتهم اسم مدرسة ليس وجودهم في مكان واحد وإنما اشتراكهم في خط فكري معين.