وإذا نحن انتقلنا إلى النقطة الثانية وحاولنا أن نتعرف الأساس لتقسيم الدراسات النحوية إلى مدارس، وجدنا من الحتم أولًا أن نظهر الحقائق الآتية:
أ- أن المعيار الجغرافي كان الأساس الوحيد لهذا التقسيم، وهذا يوضح لماذا حملت كل مدرسة اسم منطقة.
ب- لا نجد أي إشارة إلى مدرسة أطلق عليها هذا الاسم لالتفاف أتباعها حول رائد معين فحملت اسمه من أجل ذلك على عكس ما نجده الآن١.
جـ على الرغم من أن المعيار الجغرافي كان هو الأساس الوحيد المستعمل لتقسيم المدارس العربية؛ فإنه قد عجز تمامًا عن إبراز الفروق الحقيقية والاتجاهات الفكرية المختلفة لهذه المدارس، كما عجز -في نفس الوقت- عن تجميع الخصائص المشتركة، والاتجاهات الفكرية الموحدة.
ولنأخذ مثالًا على هذا أقدم مدرستين لغويتين، وهما مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة، فماذا نجد؟ نجد البصريين "أو الكوفيين" يختلفون في المسألة الواحدة، ونجد في كثير من الأحيان بصريين ينضمون إلى المدرسة الكوفية، وكوفيين ينضمون إلى المدرسة البصرية "والأمثلة على ذلك كثيرة نكتفي منها بما يأتي:
١- في حالة يصرح الأخفش "بصري" أن رأي الكوفيين صحيح.
٢ في حالة أخرى نجد للخليل رأيًا يخالف رأي سيبويه والأخفش.
١ Bloomfield School أو Vossler School انظر Fries ص ١٩٦، Malmberg ص ٦٩.