للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القلة العددية للكلمات المجموعة المنسوب إليها، لأنه من الممكن أن توجد القاعدتان جنبًا إلى جنب وتتعايشا معًا دون تناقض، فيقال: إن أريد النسب إلى المفرد رد الجمع إلى مفرده ونسب إليه، وإن أريد النسب إلى الجمع نسب إليه على لفظه. وليس هذا مثلًا من قبيل رفع المفعول أو نصب الفاعل. ولهذا نجد الكوفيين برغم سماعهم لمثل: "خرقَ الثوبُ المسمارَ" لم يجوزوا رفع المفعول أو نصب الفاعل. مما يدل على أن اعتدادهم بالمثال الواحد أو الأمثلة القليلة إنما يرد في مثل النسب إلى الجمع مما يوسع مجال اللغة ولا يخلق فيها الفوضى والاضطراب.

٢- أن البصريين لم يوضحوا مرادهم بالكثرة، أهي الكثرة العددية بين أفراد القبيلة الواحدة؟ أم القبائل جمعاء؟ أهي الكثرة النسبية القائمة على الاستقراء التام والعد واستخراج النسبة؟ فإذا كان الأول فما حدها؟ وهل يمكن إجراء النسبة في كل ظاهرة لغوية؟ وهل يدعي البصريون أنهم قاموا باستخراج النسبة في أي قاعدة نحوية استخلصوها؟ ١ ولا أدل على غموض هذا المصطلح عند البصريين من تخبط بعضهم في شرحه، ومن اختلافهم في كثير من الأحكام -بعضهم مع بعضهم- من حيث القياسة أو السماعية. وما نظن أن تفسير ابن هشام -فيما نقله السيوطي عنه- يمثل اتفاقًا بين النحاة، وإنما هو مجرد اجتهاد منه لتفسير مصطلحات غامضة يكثر ترددها بين النحاة، وتفسيره مع ذلك لا يمكن تطبيقه، كما لا يمكن أن يدعي أن النحاة أو أيًا منهم على الإطلاق قد قاموا بتطبيقه يقول ابن هشام: "اعلم أنهم يستعملون غالبًا وكثيرًا ونادرًا وقليلًا ومطردًا. فالمطرد لا يتخلف.


١ لا أدل على عدم وضوح فكرة القلة والكثرة في أذهان النحاة أن بعضهم حاول تحديدها فقال: "والفرق بين الغالب والكثير أن ما ليس بكثير نادر وكل ما ليس بغالب ليس نادرًا بل قد يكون كثيرًا".

<<  <   >  >>