فعل على أفعال أكثر من جمعه على أفعل، فعدد ما ورد على أفعل ١٤٢ وعلى أفعال ٣٤٠ لفظة طبقًا لإحصاء أورده بعض الباحثين١. ومن النوع الثاني ونسبتهم إلى فعولة على فعلى مع أن ذلك لم يرد عن العرب إلا في مثال واحد هو شنوءة وشنيء، وأيضًا قول الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
لم يسمع عن العرب غيره حذفت فيه "كان" وعوض عنها "ما"، ومع ذلك جعله البصريون قاعدة يقاس عليها.
٤- أنه كان من جراء إفراط البصريين في استخدام الأقيسة العقلية وتشددهم في قبول الشاهد النحوي، أن وجدوا أنفسهم أمام شواهد فصيحة تخالف قياسهم المنطقي أو قاعدتهم التي استنبطوها. وهنا وجدوا أنفسهم مضطرين إما إلى تأويلها وإخراجها عن ظاهرها لتنسجم مع قواعدهم، وإما إلى رميها بالشذوذ أو الخطأ.
وقد أدت تأويلات النحاة إلى إفساد النحو العربي وملئه بمسائل ومشاكل لا نحتاج إليها في تصحيح نطقنا أو تقويم لساننا.
وإن أردت الدليل على ذلك فانظر إلى ما قاله كل من البصريين والكوفيين في نواصب المضارع. ذهب معظم الكوفيين إلى أن النواصب عشرة، وهي تنصبالمضارع بنفسها وذلك مذهب لا التواء فيه ولا تعقيد، ولا يحمل هذه النواصب ما لا تحتمله من المعاني، ولا يوقعنا في تكلفات تشوه النحو وتنفر الدارسين منه، أما البصريين فقد قسموا النواصب إلى قسمين: قسم ينصب بنفسه وهو أن وإن وإذن وكي "الأخيرة في بعض حالاتها" وقسم ينصب بأن مضمرة بعده وهو النواصب الستة الباقية. ثم تحدثوا بعد هذا عن "أن" المضمرة جوازًا و"أن" المضمرة وجوبًا. واضطرهم تقدير "أن" إلى أن يبحثوا للأدوات الستة عن أعمال أخرى غير النصب، لأن ما بعدها لا بد أن يؤول بمصدر لوجود أن المضمرة، وهذا