للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفقه عند الحنفية خاصة. ونجد كمال الدين بن الأنباري من أهل المائة السادسة يضع كتابه "لمع الأدلة" ليكون للنحو بمثابة "علم الأصول" للفقه، عقد فيه فصولًا عدة للقياس وأنواعه كما كان فعل علماء الفقه وأصوله١.

وأخذ النحاة يتنافسون في هذه الأقيسة النظرية والافتراضات غير الواقعية، وممن تمادوا فيها الرماني المولود سنة ٢٢٧٦ هـ، وفيه يقول الفارسي: "إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شيء، وإن كان النحو ما نقوله نحن فليس معه منه شيء"٢.

وبلغ من اعتداد النحويين بالقياس أن قال ابن الأنباري: "إن إنكار القياس في النحو لا يتحقق، لأن النحو كله قياس ... فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو"٣. ونحن لا نستطيع -ولا غيرنا- أن نطالب بإغلاق القياس أو الحد منه وإنما نطالب بإلغاء ما ليس قياسًا حقيقة. لقد قسم اللغويون القياس إلى:

أ- حمل كلمة على نظائرها في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب.

ب- إعطاء كلمة حكمًا ثبت لغيرها من الكلم المخالف لها في نوعها، ولكن توجد بينهما مشابهة من بعض الوجوه كترخيم المركب المزجي قياسًا على الأسماء المنتهية بتاء التأنيث.

جـ- القياس النظرى الذي لا يعتمد على شاهد من كلام العرب كقول بعضهم: "ولا أمنع أن يجيء الفعل على فَعْلَنَ وإن كان المتقدمون لم يذكروه. لأن الاسم إذا جاء على ذلك وجب أن يجيء عليه الفعل إذ كان الاسم أصلًا والفعل متفرع عنه. وقد قالوا: ناقة رعشن.. وامرأة خلبن".

د- أطلقوه كذلك على نوع من التعليل المنطقي كقولهم: إن الفعل


١ المرجع نفسه، ص ١٠٠، ١٠١.
٢ نشأة النحو، ص ١٧٣.
٣ الاقتراح، ص ٤٦.

<<  <   >  >>