للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المضارع أعرب لشبهه بالاسم أو قياسًا على الاسم، وما ادعوه في باب الممنوع من الصرف من أن الاسم يمنع من الصرف حملًا على الفعل أو قياسًا على الفعل١.

وليس منها ما يعد قياسًا لغويًّا على وجه الحقيقة سوى النوع الأول الذي نتمسك به ونبقيه لأن النحو -كما يقول ابن الأنباري- قياس، ومن أنكر القياس فقد أنكر النحو. أما الأنواع الأخرى فلا يضر إلغاؤها.

٦- تناولهم أمورًا لا علاقة لها بالنحو، ولا فائدة تؤدي إليها، لأنها لا تفيد نطقًا ولا تعصم لسانًا ولا تمنع خطأ. وذلك مثل اختلافهم في الناصب بعد الفاء والواو أهو هذه الأدوات نفسها؟ أم "أن" مضمرة؟ أم أن الفعل منصوب على الخلاف؟ ومثل خلافهم في رافع المبتدأ والخبر، فقيل: إن المبتدأ يرتفع بالابتداء والخبر بالابتداء كذلك أو الابتداء والمبتدأ معًا، وقيل: إن المبتدأ والخبر يترافعان فيرفع المبتدأ الخبر والخبر والمبتدأ. وكذلك فخلافهم في رافع المضارع فقيل: هو التجرد من الناصب والجازم، وقيل: وقوعه موقع الاسم، وقيل: المضارعة، وقيل: حروف المضارعة٢.

ومن ذلك أيضًا تناولهم لمسائل غير عملية بل عقدهم أبوابًا كاملة غير عملية مثل أبواب الاشتغال والتنازع ... وتفريعهم للمسائل وتشقيقها. ولنأخذ باب الاشتغال على سبيل المثال. فقد اضطرب النحاة في صور تعبيره اضطرابًا شديدًا، وقسموا صوره إلى ما يجب رفعه، وما يجب نصبه وما يترجح فيه الرفع أو النصب، وما يجوز فيه الأمران، وتبحث في كلام العرب عن أمثلة أو شواهد لكل هذا الذي قالوه، فلا تجد لمعظمه وجهًا، بل لا تجد له ذكرًا.


١ انظر: الخضر حسين: القياس في اللغة، ص ٢٥، ٢٧، وشرح الحماسة لأبي العلاء المعري، ص ٢٦٣.
٢ راجع: الإنصاف ١/ ٣١، الكافية ١/ ١٩، ٢/ ٢٢٤، الأشموني ٢/ ٢٩٩ - ٣٠٠، ٢٨١ - ٢٨٢.

<<  <   >  >>