٩- وإذا كان المعجم العربي قد مر بعصره الذهبي خلال القرون الأربعة الأولى من الهجرة فهو يمر الآن بحالة من الجمود جعلته يتخلف عن حركة التأليف المعجمي العالمية، ويعود ذلك إلى جملة أسباب منها:
أ- أنه لا توجد هيئة دائمة أو مؤسسة متخصصة "حكومية أو غير حكومية" تتولى إصدار المعاجم العربية في أي بلد عربي، والأمر متروك للناشر يقيسه بمقاييس الربح والخسارة وتحقيق النفع المادي.
والأمر يحتاج إلى مؤسسة على نمط "دار أكسفورد للنشر" التي أصدرت عشرات المعاجم الإنلجيزية، منها معجم أكسفورد الكبير الذي يعتبر المرجع الأعلى والأخير في اللغة الإنجليزية، واستغرق إخراجه سبعين عامًا. ومنذ صدوره عام ١٩٢٨ وتعديلات المعجم مستمرة سواء بالحذف والتنقيح أو -وهو الأهم- بإضافة الألفاظ الجديدة التي استعملها الكتاب والشعراء المحدثون أو عثر عليها في الصحف والمجلات المعاصرة، ولذا فالمعجم في نمو مستمر، وهو يزود دائمًا بالملاحق والمستدركات.
ومن أهم المعاجم الأخرى التي صدرت عن دار أكسفورد: المعجم اللاتيني الإنجليزي الذي يعد أعظم معجم من نوعه صدر حتى الآن، واستغرق إعداده وإخراجه نحوًا من نصف قرن، ويضم مفردات اللاتينية منذ ظهورها -رغم أن اللغة اللاتينية- كما نعلم جميعًا - لغة ميتة١.
ب- أنه لا يوجد سجل شامل لمفردات أي عصر من عصور اللغة العربية حتى الآن. وما يتم إنجازه من دراسات معجمية لدواوين بعض الشعراء في أقسام اللغة العربية بجامعاتنا، لا يمثل إلا قطرة في بحر من ناحية، وهو جهد مبعثر لا يتم ضمن إطار عام أو خطة شاملة من ناحية ثانية. كما لا يمكن الوثوق به أو الاطمئنان إليه من حيث الدقة والصحة اللفظية من ناحية ثالثة.
١ انظر: خلوصي ص ١٠٢ وما بعدها والسيد في مواقع متفرقة.