وقد كان -وما يزال- المعجم التاريخي حلمًا راود خيال الكثيرين. ولكن تكلفة المشروع، وضخامة الجهد البشري المطلوب لتنفيذه، وغياب الوعي بأهمية هذا المعجم. حال بينه وبين الظهور.
فليت أي جهة مسئولة أو دار نشر غنية تتنبه إلى قيمة هذا العمل الضخم وتتبناه. ولعل جمعية المعجمية العربية بتونس التي أعلنت عن بدئها العمل في هذا المشروع تكون جادة في التنفيذ، ولكن من أين لها التمويل الضخم المطلوب والكفايات البشرية اللازمة؟.
ولو تم هذا يكون لدينا أساس قوي لرصيدنا اللغوي يتم تزويده كل لحظة بما يجد من ألفاظ على ألسنة الشعراء وبأقلام الكتاب، وما يرد في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة من كلمات وتعبيرات وتراكيب.
جـ- إننا ما زلنا نعش في عصر المعاجم الفردية، وهو عصر قد انتهى بالنسبة للمعاجم، وحل محله عصر "المعاجم الجماعية" بعد اتساع مجالات اللغة وتعدد استخداماتها العلمية والفنية. إن إخراج معجم في القديم كان يعتمد على لغة الشعر والأدب وهي لغة يمكن للمعجمي أن يدعي معرفته بها، ولكن إخراج معجم في الحديث يعتمد على لغة العلوم والآداب والمعارف المختلفة لا يمكن لباحث واحد أو مجموعة صغيرة من الباحثين الإلمام بها فضلًا عن الإفتاء فيها، ولم يعد المعجم الحديث في حاجة إلى لغويين فقط ولكن يجب أن ينضم إليهم متخصصون ومستشارون في شتى فروع المعرفة وأمامنا معجم "ويستر" الأمريكي كنموذج لهذا التحول الكبير. فقد ضم الفريق الذي قام بالإشراف على طبعته الثالثة: رئيس تحرير، وثلاثة عشر محررًا مشاركًا، وستة وستين محررًا مساعدًا وكلهم من أساتذة الجامعات، وحملة الدكتوراه في التخصصات المختلفة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والنبات والحيوان والديانات والآداب والتاريخ والمكتبات والفلسفة