للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ب" ويقول ابن سنان الخفاجي "القرن الخامس" في كتابه "سر الفصاحه". "وقد ذهب علي بن عيسى١ أيضًا إلى أن التنافر أن تتقارب الحروف في المخارج أو تتباعد بعدًا شديدًا، وحكي ذلك عن الخليل ابن أحمد، ويقال: إنه إذا بعد البعد الشديد كان بمنزلة الطفر، وإذا قرب القرب الشديد كان بمنزلة مشي المقيد، لأنه بمنزلة رفع اللسان ورده إلى مكانه وكلاهما صعب على اللسان. والسهولة من ذلك في الاعتدال، ولذلك وقع في الكلام الإدغام والإبدال" ويعقب ابن سنان الخفاجي على ذلك بقوله:

"والذي أذهب أنا إليه ... لا أرى التنافر في بُعد ما بين مخارج الحروف وإنما هو في القرب. ويدل على صحة ذلك الاعتبار كلمة "ألم" فهي غير متنافرة، وهي مع ذلك مبنية من حروف متباعدة المخارج؛ لأن الهمزة من أقصى الحلق، والميم من الشفتين، واللام متوسطة بينهما وعلى مذهبه كان يجب أن يكون هذا التأليف متنافرًا؛ لأنه على غاية ما يمكن من البعد ... ومتى اعتبرت جميع الأمثلة لم ترد للبعد الشديد وجهًا في التنافر على ما ذكره. فأما الإدغام والإبدال فشاهدان على أن التنافر في قرب الحروف دون بعدها لأنهما لا يكادان يردان في الكلام إلا فرارًا من تقارب الحروف. وهذا الذي يجب عندي اعتماده، لأن التتبع والتأمل قاضيان بصحته"٢.

حـ- وقد ضمن أبو بكر الباقلاني "القرن الرابع" كتابه المشهور "إعجاز القرآن" كثيرًا من المباحث الصوتية، بقصد تحليل آيات القرآن، وبيان أوجه إعجازها. وأهم ما ذكره في هذه الخصوص يتعلق بفواتح السور وسر اختيار حروف معينة لها. ومن ذلك قوله:

١- "إن الحروف التي بني عليها كلام العرب تسعة وعشرون حرفًا


١ هو الرماني.
٢ ملحق بمجموعة "ثلاث رسائل في إعجاز القرآن" ص ١٦٩.

<<  <   >  >>