للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولهم. معاذ الله من ذلك بل كثير من أولئك عندنا أهل عدالة وطهارة وبر وتقوى١.

وكذلك بقي كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي "ت٣٢٧هـ" وهو من أجمع كتب الجرح والتعديل تابع فيه التاريخ الكبيرللبخاري إلا أنه أكثر من إيراد ألفاظ الجرح والتعديل٢، واستوعب الكثير من أقوال أئمة الجرح والتعديل في الرجال فصار خلاصة لجهود السابقين العارفين بهذا الفن، وقد ذكر ابن أبي حاتم أنه أغفل بعض النقاد فلم ينقل عنهم لقلة معرفتهم بهذا الشأن، ولكن مهمة المصنف لم تقتصر على الجمع والتنظيم فقد كان عالما بالرجال فأعمل فكره وفنه في استخلاص الحكم على الرجال من خلال الأقوال المتناقضة والآراء المتعارضة المتدافعة، وليس ذلك فحسب، بل تكلم باجتهاده في كثير من المواضع.

وقد قدم ابن أبي حاتم لكتابه بمقدمة طويلة نفيسة هي "تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل"، وهي عبارة عن مدخل للكتاب بين فيها أهمية السنة وكيفية تمييز صحيحها من سقيمها بمعرفة عدول الرواة ومجروحيهم وطبقاتهم ومراتبهم في التثبت والصدق، ثم قدم تراجم مستفيضة للعلماء النقاد المعتمدين في جرح الرجال وتعديلهم، وجعلهم حتى عصره أربع طبقات، وأراد بهذه التراجم بيان درجتهم في العلم ومعرفتهم بالرجال وتوثيق معاصريهم لهم، وقد ذكر في الترجمة مو تفوق به صاح التراجمة من علم، كاهتمام سفيان الثوري بتدوين العلم ومعرفة شعبة بن الحجاج بمراسيل الآثار وعلل الحديث.

ولهذه التراجم المستفيضة أهمية كبيرة لأن أصحابها عليهم مدار أحكام الجرح والتعديل، فلزم التعريف بهم أولا ليطمئن المرء إلى أنهم لم يصدروا


١ قبول الأخبار، ص٣.
٢ إذا قال أبوحاتم في الراوي"مجهول" فإنه يريد به في الغالب "جهالة الحال" أما أكثر المحدثين فيريدون به جهالة العين بأن لا يروى عنه إلا واحد. وقد رد عليه بعض النقاد بأنه جهل من هو معروف عندهم "الرفع١٦٠/ ١٦٥". وإذا قال: "ليس بالقوي" يريد بها أن هذه الشيوخ لم يبلغ درجة القوي الثبت "الذهبي: الموقظة".

<<  <   >  >>