للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القصاصون]

وساهم القصاصون في وضع الحديث، وكانت فكرة القص على الناس في المساجد قد ظهرت منذ فترة مبكرة١، ودوافع المبالغة والكذب عند القصاص قوية ليوفر مادة مشوقة ومثيرة عند وعظ السامعين الذين هم في الغالب من عامة الناس لأن أرباب العقول تمتصهم الدراسات الجدية في علوم القرآن والحديث واللغة، وهي دراسات توفرت أسبابها بوجود عدد من الشيوخ الأكفاء الذين كانوا يعقدون الحلقات العلمية حول أساطين المساجد.

وقد ذكر ابن قتيبة "أن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العاملة إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الحديث، وكان من شأن العوام القعود عند القصاص ما كان حديثه عجبا خارجا عن فطر العقول أو رقيقا يحزن القلوب ويستغزر العيون فإذا ذكر الجنة زعم أن الله يبوئ وليه قصرا من لؤلؤة بيضاء فيه سبعون مقصورة في كل مقصورة سبعون ألف قبة في كل قبة سبعون ألف كذا.. كأنه يرى أنه لا يجوز أنه يكون العدد فوق السبعين ولا دونها٢، وقد حذر العلماء من القصاصين ذوي الأهواء والكذب قال عاصم: "كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي "ت في حدود ٧٣هـ" ونحن غلمة أيفاع فكان يقول لنا لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص وإياكم وشقيقا, قال وكان شقيق يرى رأي الخوارج وليس بأبي وائل٣.


١ استاذن تميم الداري عمر بن الخطاب ليقص على الناس فلم يأذن له, وكان عمرو بن زرارة يقص على الناس في مسجد الكوفة في حياة عبد الله بن مسعود الذي اعترض عليه.
"انظر السيوطي: تحذير الخواص/ ٥٩، ٦٠-٦١" وينفي عبد الله بن عمر وقوع القص على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ويقول أنه أحدث بعد قتل عثمان، رضي الله عنه، "الخطيب: تاريخ بغداد ٢/ ١٠٢؛ وأبو نعيم: تاريخ أصبهان ١/ ١٣٦".
٢ ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث/ ٣٥٥-٣٥٧.
٣ مسلم: مقدمة الصحيح ١/ ٢٠.

<<  <   >  >>