للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[صحيح الإمام البخاري "ت٢٥٦هـ"]

يعتبر كتاب "الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم"١ للإمام محمد بن إسماعيل البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله، عز وجل، عند جمهور المحدثين، وقد انتقاه البخاري من ستمائة ألف حديث٢، ولا شك أن معظم هذه الأحاديث كانت مدونة في كتب المسانيد والمصنفات الحديثية الأخرى التي دوهها علماء القرن الثاني الهجر وسمعها البخاري عن شيوخه باسانيدهم إلى مصنفيها لذلك يعبر عن كيفية التحمل بألفاظ السماع٣، ومكث البخاري في تصنيفه ست عشرة سنة٤، واقتصر فيه على الحديث الصحيح وهو أول من أفرد الصحيح، لكنه لم يستوعب الصحيح فقد صرح بأن ما تركه من الحديث الصحيح أكثر مما أثبت لئلا يطول الكتاب٥. ولا يدخل ما فيه من التعاليق والمتابعات والشواهد ضمن الصحيح٦. وقد استقرأه العلماء ليتبينوا شرط البخاري في تخريج أحاديثه، فوجوده يشترط إلى جانب عدالة رجال سلسلة إسناده إلى الصحابي، واتصال إسناده، أن يكون الراوي اللاحق في الطبقة الأولى من الرواة عن شيخه، فلو أن الرواة عن الإمام ابن شهاب الزهري يقسمون من حيث الحفظ والإتقان وطول صحبتهم له إلى خمس طبقات، فإن البخاري يخرج لمن هم في الطبقة الأولى من الرواة عن الزهري فهم شرطه،


١ وذكر الحافظ ابن حجر أن البخاري هو الذي سمى كتابه بالمسند الصحيح "توضيح الأفكار، ١/ ٢٣١".
٢ الخطيب: تاريخ بغداد، ٢/ ٨؛ وابن حجر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ص٥.
٣ انظر دراسة (Sezgin: Buharinin Kaynaklari) "بالتركية".
٤ الخولي: مفتاح السنة، ص٣٧؛ وأبو شهبة: أعلام المحدثين، ص١١٧.
٥ الخطيب: تاريخ بغداد، ٢/ ٨-٩؛ وابن حجر: هدي الساري، ص٥.
٦ ابن كثيرك الباعث الحثيث، ص٣٤، ونبه ابن الصلاح إلى أن ما علقه البخاري بصيغة الجزم "مثال: قال، روى، جاء، عن" صحيح إلى من علقه عنه ثم النظر فيما بعد ذلك، وما كان منها بصيغة التمريض "قيل، روي عن، يروي، يذكر" فلا يستفاد منها صحة ولا ما ينافي الصحة.

<<  <   >  >>