للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاخت أيضا أن الأسانيد المتصلة متأخرة١ وضعها اصحا المذاهب الفقهية رغبة في إرجاع آرائهم إلى الصحابة, ومن ثم فإن تحسن الأسانيد استمر حتى عصر الكتابة حيث ظهرت الأسانيد بصورتها الكاملة، وقد استشهد شاخت بأسانيد وردت مرسلة أو منقطعة في موطأ مالك أو في كتاب الرسالة للشافعي ثم وردت في الكتب الستة المتأخرة عن مالك متصلة مسندة مما يدل -في رأي شاخت- على أن الأقسام العليا من الأسانيد (أسماء التابعين فالصحابة) مختلفة وضعت فيما بعد من قبل أصحاب المذاهب٢.

لقد أغفل شاخت أن احتجاج مالك بالمرسل هو سبب عدم عنايته بوصل أحاديث الموطأ٣، ولذلك فإن طريقته في استعمال الإسناد لبست طابعا عاما لعصره إذ وردت الأسانيد المتصلة في كتب المسانيد المصنفة في القرن الثاني الهجري وبعضها صنف قبل الموطأ مثل مسند معمر بن راشد.

إن ورود الأحاديث مرة مرسلة وأخرى متصلة لا يقطع بوضعها أو بإكمال أسانيدها في فترة متأخرة فقد يروي العالم الحديث الواحد مرة بإسناد متصل وأخرى بإرسال أو انقطاع للاختصار أو بسب النسيان، على أن هذا لا يعني عدم وقوع الخطأ في الأسانيد بزيادة رجل فيها أو تبديل إسم بآخر بل ووضع أسانيد كاملة لأحاديث موضوعة مما بينته كتب مصطلح الحديث٤، ولكن إطلاق القول باختلاق الأسانيد المتصلة مجازفة كبيرة لا تقل عما في إتهام المذاهب


١ يذهب روبسون إلى أن إعطاء سند متصل لم يصبح تقليدا ملزما إلا في النصف الأخير من القرن الثاني الهجري انظر:
The Encyclopedia of Islam vol III, P ٢٣. ١٩٦٥.
٢ Schacht, The Origins Of Muhhamadan Jurisprudence, P. ١٦٣, ١٦٥, ١٦٦k ١٦٧
٣ انظر عن احتجاج مالك بالمرسل ابن كثير: الباعث الحثيث، ص٤٨.
٤ الخطيب: الكفاية ٤٠٩، وابن كثير: الباعث الحثيث ١٧٦، وابن حبان: المجروحين من المحدثين٢/ ٢٥ب.

<<  <   >  >>