للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنه أوجز كثير في تراجم المعاصرين له، ولعل سبب ذلك يعود إلى دور الصحابة والتابعين في الرواية مما يجعل لأحوالهم وأخبارهم والتعريف بهم أهمية فائقة.

وتلقي هذه المعلومات التي قدمها ابن سعد خلال التراجم أضواء على الحياة الثقافية والحضارية في القرنين الأول والثاني الهجريين بما يجعل لكتابه أهمية كبيرة من الناحية التأريخية.

وقد استعمل ابن سعد ألفاظ الجرح والتعديل في كتابه كقوله "ثقة ثبت حجة كثير الحديث" وقوله "فيه ضعف" وقوله "ضعيف ليس بشيء" وقوله "ليس بذاك"١. ويقول "كان شيخا وعنده أحاديث" ومن عادته أن لا يقول هذه اللفظة إلا في الكثير الحديث٢.

واعتبر العلماء كلامه في الجرح والتعديل جيدا مقبولا٣، روى ابن حجر أن ابن سعد يقلد الواقدي، والواقدي على طريقة أهل المدينة في الانحراف عن أهل العراق٤، ويدل أهتمامه بالجرح والتعديل بالإضافة إلى طبيعة التراجم التي تناول رواة الحديث سواء أكانوا محدثين غلب عليهم الحديث وعرفوا به أم فقهاء يكون الحديث جزءا هاما من ثقافهم على أن ابن سعد إنما صنف كتابه لخدمة علم الحديث، ومن ثم فقد جاء تقسيم الكتاب على الطبقات ملائما لهذا الغرض٥.

وقد وثق العلماء محمد بن سعد٦ لكنهم عابوا عليه أخذه عن الضعفاء، كهشام بن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي٧، وقد صنف الواقدي كتابا في الطبقات نقل عنه ابن سعد كثيرا حتى يمكن القول أن ربع كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد مأخوذ عن الواقدي، ولكن من الإجحاف, لأن سعد أن


١ ابن سعد: الطبقات الكبرى ٧/ ٢٨٩، ٢٨٦، ٣٨٧، ٤٨٠.
٢ ملغطاي: إكمال تهذيب الكمال ١/ ٢٢٨.
٣ السخاوي: الإعلان بالتوبيخ، ٧١٠.
٤ هدي الساري، ٤٤٣؛ والفتح٢/ ١٦٤.
٥ انظر فصل أسس تنظيم كتب علم الرجال.
٦ الذهبي: تذكرة الحفاظ ٢/ ٤٢٥؛ السخاوي: الإعلان بالتوبيخ، ص٦٠١.
٧ ابن الصلاح: مقدمة، ١٦٠.

<<  <   >  >>