جباية الإيراد واستيفاؤه من أربابه وتوجيهه في مصارفه من شئون ولاة الأمر في الدولة الإسلامية لأن هذه الإيرادات فرضت للمصالح العامة، وفي توجيهها إلى مصارفها تحقيق هذه المصالح، فيكون النظر فيها لمن له ولاية الشئون العامة، ولهذا أمر الله سبحانه رسوله أن يتولى أخذ الصدقات فقال عز من قائل:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ١، وجعل من مصارف الصدقات العاملين عليها وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعث المصدقين إلى أحياء العرب والبلدان والآفاق لأخذ الصدقات من الأنعام، وعلى سنته سار الخلفاء الراشدون من بعده، وقد كان السبب الباعث على حروب الردة في أول عهد أبي بكر بالخلافة امتناع قبائل من العرب عن أداء الزكاة فحاربهم أبو بكر قائلا:"والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاربتهم عليه" وورد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذ زكاة الأموال من النقود وعروض التجارة وكذلك فعل أبو بكر وعمر، ولكن في عهد عثمان رُئي أن الأموال كثرت وأن في إحصاء النقود وعرض التجارة حرجا وفي إظهار مقاديرها وإعلان أمرها أضرارا بأرباب الأموال، ولهذا جعل لأرباب هذه الأموال من النقود وعروض التجارة أن يتولوا هم بأنفسهم إخراج الزكاة الواجبة فيها وصرفها في مصارفها.
ومن ذلك قسم إيراد الدولة من حيث جبايته إلى قسمين: قسم جعل لأربابه إخراجه وصرفه في مصارفه دفعا للحرج ومنعا لتتبع أسرار