جمهور المسلمين على أن نصب الخليفة أي توليته على الأمة واجب بالشرع، ومستندهم في هذا الإيجاب أمور:
أولًا: إجماع الصحابة على تولية خليفة حتى قدموا أمر البيعة على دفن الرسول.
وثانيًا: أن ما هو واجب من إقامة الحدود وسد الثغور لا يتم إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وثالثًا: أن فيه جلب المنافع ودفع المضار، وهذا واجب بالإجماع.
وفريق من المسلمين ذهبوا إلى أنه واجب بالعقل محتجين بأن كل أمة لا تستغنى عن قوة تحمي قوانينها وتدير شئون أفرادها وبأن وجود الحاكم الوازع ضروري من ضروريات الاجتماع البشري.
والنظر الصحيح ينتج أن هذين الرأيين يمكن التوفيق بينهما لأنه لا مانع أن تكون تولية الخليفة مما يقضي به العقل لحياطة القوانين وحماية الأفراد وقرره الشرع تأييدًا لمقتضى العقل فيكون العقل والشرع متوافقين على إيجاب تولية الخليفة غير أن العقل قاض بوجود الوازع المطلق والشرع داع إلى مثل أعلى ووازع يستمد سلطانه من بيعة الأمة لا من القهر فمقتضى الشرع أكمل فرد من أفراد ما يقتضيه العقل.
قال ابن خلدون في المقدمة "وقد شذ بعض الناس فقال بعدم وجوب نصب الخليفة رأسًا لا بالعقل ولا بالشرع، منهم الأصم من