أما رجال السلطة التنفيذية فهم ولاة الأمصار وقواد الجيوش وجباة الضرائب ورجال الشرطة وسائر عمال الحكومة. وكانت الأعمال التنفيذية في الحكومات الإسلامية مقسمة بين هؤلاء العمال على غير نظام معروف فقد جمع ليحيى بن أكثم بين القضاء وقيادة الجهاد في بعض الغزوات وجمع لآخر بين الحسبة والشرطة وبين ولاية الحرب والنظر في المظالم، وكان عموم الولاية وخصوصها لا يستند إلى نظام ولا يعتمد على قانون. وقد أدى هذا إلى تشعيب مسالك الولاة وجعل ديدنهم تناهب السلطة يسعى كل منهم في بسط نفوذه وإضعاف نفوذ غيره لأنه لم يكن لكل ولاية حد معروف. وليس أضيع لحقوق الأفراد وأدعى إلى سلب حريتهم من عدم تحديد وظيفة كل من القابضين على مقاليد السلطة العامة. وكان أشد الولايات تأثرًا بهذه الفوضى السلطة القضائية لحاجتها إلى معاونة السلطة التنفيذية في تنفيذ أحكامها فكانت كرامة القضاء موقوفة على شخصية القاضي فإذا كان مؤيدًا من الوالي نفذت أحكامه وأحلت مكانتها من الاحترام وإذا لم يكن مؤيدًا منه لم يكن له حق تكليف السلطة التنفيذية بأن تنفذ أحكامه. وهذا ما دعا الناس إلى طرق أبواب رجال السلطة التنفيذية للمطالبة بحقوقهم لأنه ليس للقضاء سلطان في نظرهم.