فالقائلون بنظرية العقد الاجتماعي يرون أن أساس فرض الضرائب تراضي الأفراد على أن يؤدي كل واحد منهم للحكومة جزءًا من ماله في مقابل قيامها بحماية الأجزاء الباقية وتمتعه بماله وحقوقه في ظل هذه الحماية كما تراضى الأفراد على أن يخرج كل واحد منهم عن عزلته ويعقد مع بني جنسه عقدًا اجتماعيًا يتنازل به عن مطلق حريته في مقابل كفالتهم لأمنه وسلامته. فالضريبة في رأي هؤلاء معاوضة أساسها التراضي.
وغير القائلين بنظرية العقد الاجتماعي يرون أن أساس فرض الضرائب ما للحكومة بمقتضى وظيفتها من الولاية العامة التي تخولها إلزام الأفراد بدفع جزء من مالهم لتقوم بمصالحهم من توطيد الأمن وتأمين البلاد من العدوان وإصلاح طرق مواصلاتها وري أرضها وكل ما تقتضيه مرافق الحياة فيها. فالضريبة في رأي هؤلاء فرض إلزامي تفرضه الحكومة على الأفراد بما لها من السلطان الذي كسبته بالتزامها تدبير المصالح العامة.
ولا خلاف بين اصحاب هذين الرأيين في أن الأفراد ملزمون بالضرائب وإنما الخلف في منشأ الإلزام. فعلى الرأي الأول منشأ الإلزام التزام الأفراد أنفسهم بأدائها في نظير قيام الحكومة بمصالحهم وحماية أموالهم. وعلى الرأي الثاني منشأ الإلزام ما للحكومة من السلطان باعتبارها مسئولة عن تأمين الأفراد وتدبير مصالحهم وليس لهذا الخلف أثر عملي.