للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني أن الإسلام أبان بكثير من أحكامه وحكمه وآياته أن غايته هي تحقيق مصالح الناس ورفع الضرر عنهم، ومقصوده إقامة العدل بينهم ومنع عدوان بعضهم على بعض. يتبين هذا من حكم التشريع التي نص عليها مع الأحكام في مثل قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ١، وقوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ٢، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منع بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه: "أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه". بل إن العبادات نفسها قرن التكليف بها بما يدل على أن المقصود منها إصلاح حال الناس، كما قال تعالى في حكمة الصلاة: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} ٣، وفي الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ٤، وفي الزكاة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ٥، وفي الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} ٦.

وينطق بهذا قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ٧، وقوله عز شأنه: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وقوله -صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحة".

وإذا كان الإسلام غايته ومقصده إصلاح حال الناس وإقامة العدل فيهم وخطته وطريقته اليسر بهم ورفع الحرج عنهم فهو بلا ريب كفيل


١ البقرة: ١٧٩.
٢ المائدة: ٩١.
٣ العنكبوت: ٤٥.
٤ البقرة: ١٨٣.
٥ التوبة: ١٠٣.
٦ الحج: ٢٨.
٧ البقرة: ١٨٥.

<<  <   >  >>