للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الرأي الثاني: الجهاد مشروع لحماية الدعوة الإسلامية ودفع العدوان على المسلمين فمن لم يجب الدعوة ولم يقاومها ولم يبدأ المسلمين باعتداء لا يحل قتاله ولا تبديل أمنه خوفًا.

وكذلك على الرأي الأول لا يكون بين المسلمين وغيرهم أمان إلا بسبب طارئ من تأمين خاص أو عام أو موادعة أو عقد ذمة وعلى الرأي الثاني لا يكون بين المسلمين وغيرهم حرب إلا بسبب طارئ من اعتداء أو مقاومة للدعوة أو إيذاء الدعاة أو المدعوين وعلى الرأي الأول يتحقق اختلاف الدارين بانقطاع العصمة. وليس مناط الاختلاف الإسلام وعدمه وإنما مناطه الأمن والفزع.

والنظر الصحيح يؤيد أنصار السلم القائلين بأن الإسلام أسس علاقات المسلمين بغيرهم على المسالمة والأمان لا على الحرب والقتال إلا إذا أريدوا بسوء لفتنتهم عن دينهم أو صدهم عن دعوتهم فحينئذ يفرض عليهم الجهاد دفعًا للشر وحماية للدعوة وهذا بين في قوله تعالى في سورة الممتحنة المدنية: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ١، وقوله تعالى في سورة النساء المدنية: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} ٢، وقوله في سورة الأنفال المدنية: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ٣. وفي


١ الممتحنة: ٨-٩.
٢ النساء: ٩٠.
٣ الأنفال: ٦١.

<<  <   >  >>