فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ وَكَانَ مَرَضُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَبُعِثَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَقُبِضَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ فَأَذَّنَ بِلالٌ ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، الصَّلاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
فَسَمِعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلالٍ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ يَا بِلالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَ بِلالٌ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ وَاللَّهِ
لَا أُقِيمَهَا أَوْ أَسْتَأْذِنَ سَيِّدِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَ وَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.
الصَّلاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلالٍ فَقَالَ ادْخُلْ يَا بِلالُ إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فَخَرَجَ وَيَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ يَا غَوْثَاهُ بِاللَّهِ وَانْقِطَاعُ رَجَائِي وَانْفِصَامُ [انْقِصَامُ] ظَهْرِي لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْيَوْمَ.
ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلا أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلا رَقِيقًا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خُلُوِّ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَصَاحَ الْمُسْلِمِونَ بِالْبُكَاءِ، فَسَمِعَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَجِيجَ النَّاسِ، فَقَالَ مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟ فَقَالُوا ضَجَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْمَلِيحُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهُ، أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللَّهِ وَأَمَانِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ، مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وحَفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي مُفَارِقٌ الدُّنْيَا.
هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الأَمْرُ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رَوْحِهِ، فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهُ أَعْرَابِي ثمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute