للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا كَلام لَيْسَ من كَلام رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا ابْن عُمَر وَلَا نَافِع، وَإِنَّمَا هُوَ من كَلام الْحسن.

بَاب رد شهوات النَّفس أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الملك بْنِ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بن الْمَأْمُون أَنبأَنَا الدَّارقطني حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْب حَدثنَا الْحسن ابْن مُوسَى الأَشْيَبُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ اشْتَرَى سَمَكَةً طَرِيَّةً بِدِرْهَمٍ وَنِصْفِ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: أَيُّمَا امْرِئٍ اشْتَهَى شَهْوَةً فَرَدَّ شَهْوَتَهُ وَآثَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ غُفِرَ لَهُ ".

هَذَا حَدِيث مَوْضُوع، وَالْمُتَّهَم بِهِ عَمْرو بْن خَالِد.

قَالَ وَكِيع: كَانَ فِي جوارنا

يضع الْحَدِيث، وَقَالَ ابْن عَدِي: عَامَّة مَا يَرْوِي مَوْضُوعَات، كذبه أَحْمَد وَيَحْيَى.

وَاعْلَم أَن جهلة المتزهدين بنوا عَلَى مثل هَذَا الْحَدِيث الواهي، فتركوا كُل مَا تشتهيه النَّفس، فعذبوا أنفسهم لمجاهدتها فِي ترك كُل مَا يشتهى من الْمُبَاحَات، وَذَلِكَ غلط، لِأَن للنَّفس حَقًا، وَمَتى ترك كُل مَا تشتهيه أثر فِي صورتهَا وَمَعْنَاهَا.

أما فِي صورتهَا فَإِن جَسدهَا قَدْ بنى عَلَى أخلاط وَفِي بَاطِنهَا طبيعة مستحثة عَلَى مَا يصلحها، فَإِذَا قُلْت عِنْدهَا الرُّطُوبَة مَالَتْ إِلَى المرطبات، وَإِذا كثرت عَلَيْهَا طلبت المنشفات طلبا لإِصْلَاح بدنهَا، فَإِذَا منعت مَا ركبت عَلَيْهِ من طلب الملائم كَانَ ذَلِكَ مضادا لحكمة الْوَاضِع ومبالغة فِي أَذَى النَّفس.

وَأَمَّا فِي مَعْنَاهُ ينكمد برد أغراضها، إِذْ نيل أغراضها يقوى حاسها، فَلَا يَنْبَغِي أَن يتْرك من أغراضها إِلَّا مَا خَافَ من تنَاوله.

أما الملائم أَوِ التثبط عَنِ الطَّاعَة أَوْ فَوَات خَيرهَا، وَإِنَّمَا امْنَعْ من ترك شهواتها عَلَى الْإِطْلَاق.

وَأَمَّا إِذَا اشتهت شَيْئًا من فضول الْعَيْش، فآثرت بِهِ، فالثواب حَاصِل، وَذَلِكَ دَاخل فِي قَوْله تَعَالَى (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>