للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَصْعَدُ الْحَفْظَةَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ يُزْهِرُ كَمَا يُزْهِرُ النَّجْمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، لَهُ دَوِيٌّ وَتَسْبِيحٌ وَصَوْمٌ وَحَجٌّ، إِلَى مَلَكِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.

فَيَقُولُ الْمَلَكُ: قِفْ وَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَبَطْنِهِ، أَنَا مَلَكٌ صَاحِبُ الْعُجْبَ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يَتَجَاوَزنِي إِلَى غَيْرِي.

قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفْظَةَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ كَالْعَرُوسِ الْمَزْفُوفَةِ إِلَى أَهْلِهَا بِعَمَلِ الْجِهَادِ وَالصَّلاةِ إِلَى مَا بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، وَلِذَلِكَ الْعَمَلُ زَئِيرٌ كَزَئِيرِ الأَسَدِ عَلَيْهِ ضَوْءٌ كَضَوْءِ الشَّمْسِ، إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ.

فَيَقُولُ الْمَلَكُ: قِفْ أنَا صَاحِبُ الْحَسَدِ، وَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، إِنَّهُ كَانَ يَحْسِدُ مَنْ يَتَعَلَّمُ وَيَعْمَلُ لِلَّهِ، إِذَا رَأَى لأَحَدٍ فَضْلا فِي الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ حَسَدَهُمْ وَوَقَعَ فِيهِمْ، فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَيَلْعَنُهُ عَمَلُهُ.

قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ، بِوُضُوءٍ تَامٍّ وَصَلاةٍ كَبِيرَةٍ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ.

فَيَقُولُ الْمَلِكُ: قِفْ أَنَا مَلَكُ

الرَّحْمَةِ، اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ، لأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَرْحَمْ شَيْئًا، إِذَا أَصَابَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ دَيْنًا أَوْ ضَرًّا فِي الدُّنْيَا شَمِتَّ بِهِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يُجَاوِزنِيِ إِلَى غَيْرِي.

قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفْظَةَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ أعمالا بِفقه واجتهاد وورع، لَهُ صَوْتٌ كَصَوْتِ الرَّعْدِ وَضَوْءٌ كَضَوْءِ الْبَرْقِ وَمَعَهُ ثَلاثَةُ أَلْفِ مَلَكٍ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ.

فَيَقُولُ الْمَلَكُ: قِفْ وَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجه صَاحبه جوارحه وَأَصْلَ قَلْبِهِ، أَنَا مَلَكُ الْحِجَابِ، أَحْجُبُ كُلَّ عَمَلٍ لَيْسَ لِلَّهِ، أَرَادَ بِهِ صَاحِبُهُ رَفْعُهُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَذِكْرًا فِي الْمَجَالِسِ وَصَوْتًا فِي الْمَدَائِنِ، أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَهُ يُجَاوِزنِيِ إِلَى غَيْرِي.

قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفْظَةَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا بِهِ، مِنْ حُسْنِ خُلُقٍ وَصَمْتٍ وَذِكْرٍ كَبِيرٍ، وَتُشَيِّعَهُ مَلائِكَةُ السَّمَواتِ وَالْمَلائِكَةُ السَّبْعَةُ بِجَمَاعَتِهِمْ، وَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَمَلٍ خَالِصٍ وَدُعَاءٍ، فَيَقُول الله عزوجل: أَنْتُمْ حَفَظَةٌ عَلَى عَمَلِ عَبْدي وَأَنَا الرَّقِيبُ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ، إِنَّهُ لَمْ يُرِدْنِي بِهَذَا، عَلَيْهِ لَعْنَتِي.

وَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: عَلَيْهِ لَعْنُتِك وَلَعْنَتُنَا.

ثُمَّ بَكَى مُعَاذٌ.

قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْمَلُ؟ قَالَ: اقْتَدْ بِنَبِيِّكَ بِالْيَقِينِ.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَنْت رَسُول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>