جَبَلٍ، سَلامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَأَعْظَمَ اللَّهُ لَكَ الأَجْرَ وَأَلْهَمَكَ الصَّبْرَ وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الشُّكْرَ، ثُمَّ إِنَّ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا وَأَمْوَالَنَا وَأَوْلادَنَا مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ تَعَالَى الْهَنِيَّةِ وَعَوَارِيهِ المستودعة، نمتع بِهَا إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ وَيَقْبِضُهَا لَوَقْتٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ افْتَرْضَ عَلَيْنَا الشُّكْرَ إِذَا أَعْطَى، وَالصَّبْرَ إِذَا ابْتَلَى، وَكَانَ ابْنُكَ مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ تَعَالَى الْهَنِيَّةِ وَعَوَارِيهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ، مَتَّعَكَ اللَّهُ بِهِ فِي غِبْطَةٍ وَسُرُورٍ، وَقَبَضَهُ مِنْكَ بِأَجْرِ الصَّلاةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْهُدَى إِنْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ، فَلا تَجْمَعَنَّ يَا مُعَاذُ خَصْلَتَيْنِ، أَنْ يُحْبِطَ جَزَعُكَ أَجْرَكَ فَتَنْدَمَ عَلَى مَا فَاتَكَ، فَلَوْ نَدِمْتَ عَلَى ثَوَابِ مُصِيبَتِكَ وَتَنَجَّزْتَ مَوْعِدَهُ عَرَفْتَ أَنَّ الْمُصِيبَةَ قَدْ قَصرَتْ عَنْهُ، وَاعْلَمْ يَا مُعَاذُ أَنَّ الْجَزَعَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَلا يَدْفَعُ حُزْنًا، فَأَحْسَنِ الْعَزَاءَ وَتنجزِ الْمَوْعِدَةَ وَلْيَذْهَبْ أَسَفُكَ بِمَا هُوَ نَازل بك - فَكَانَ -[فَكَأَنَّ] قَدْ، وَالسَّلامُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْكَذَّابُ الْوَضَّاعُ الَّذِي صُلِبَ فِي الزَّنْدَقَةِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْقَدْحَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَّانٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ مُعَاذٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُجَاشِعٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلا بِالْقَدْحِ.
وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَتَبَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاذٍ وَهُوَ وَالِي الْيَمَنَ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُعَاذٍ "
فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا.
قَالَ يَحْيَى: إِسْحَاق مَعْرُوف بِالْكَذِبِ وَوضع الْحَدِيث، وكل هَذِه الرِّوَايَات بَاطِلَة، وَإِنَّمَا كَانَت وَفَاة ابْن معَاذ فِي سنة الطَّاعُون، سنة ثَمَان عشرَة، بَعْد موت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسبع سِنِين، وَإِنَّمَا كتب إِلَيْهِ بَعْض الصَّحَابَة يعزيه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute