ُماّلاً على معد من قبل ملوك حمير، ثم زوال ملك حمير في وقت ظهور الإسلام، وتقادم العهد على سكناهم في الشمال، كل ذلك قد دفع بعض القضاعيين، ومعهم طائفة من النسابة، إلى أن يترددوا - على الأقل - في التعلق بنسبهم القديم والظاهر أن معاوية بن أبي سفيان - أو ابنه يزيد - كان أول من شجع القضاعيين على التخلي عن نسبهم الحميري، والدخول في نسب معد بن عدنان. ولكن بعض شعراء اليمن، وهو عدي بن الرقاع العاملي، قد عبر عن سخطه على هذه المحاولة، وسخر بها، وأبى أن يبيع قحطان بمعد، وعدها تجارة خاسرة ومن الطريف أن بعض النسابة، إسهاماً بدورفي هذه المحاولة، وقد لّفق لهم نسباً فجعل حمير التي ينتسب إليها القضاعيون، ليست هي حمير بن سبأ اليمنية وإنما هي حمير بن معد بن عدنان. وجاءت محاولة عكسية من خالد بن يزيد بن معاوية، وكان أخواله من قبيلة كلب، وهي قضاعية، فقد رأى أن من صالح حزبه أن تثبت قضاعة على نسبها القديم، وأن يحالفوا اليمن حتى يكونوا قوة تقهر خصومه بني مروان الذين تحالفوا مع العدنانية فأطاعه بعضهم وعصاه آخرون فكان بعضهم يقول حالفنا اليمن، وبعضهم يقول بل نحن منهم أما الزبيريون، أصحاب عبد الله بن الزبير، فقد كانوا يستميلون العدنايين، ويعيبون بني أمية، في أيام ابن الزبير، بأنهم تحالفوا مع اليمنية، وكان من صالح الزبيريين بطبيعة الحال، أن يجتذبوا القضاعيين إلى صفوفهم، بإثبات نسبهم في معد. وهذا ما صنعه نسابة الزبيرين وكان من الطبيعي أن يتلقى الرواة المتأخرون هذه الأخبار التي تبدو بغير النظرة التاريخية الناقدة، كأنها متضاربة، الأمر الذي جعل ابن خلدون يتوقف في هذه المسألة فلا يرجح قولاً على قول، ويحتج لذلك بأن النسب البعيد يخيل الظنون ولا يرجع فيه إلى يقين ولعل هذا هو الذي جعل ابن خلدون يضع قضاعة قسما قائماً بذاته إلى جانب قحطان وعدنان إذ يقول اعلم أن جميع العرب يرجعون إلى ثلاثة أنساب: وهي عدنان وقحطان وقضاعة. فالراجح عندنا أن قضاعة من حمير بن سبأ، أما فروعها فمن الممكن أن نلخص أهمها في الجدول التالي: قضاعة