التيار التركي في مصر، والتماساً لمهاجر أخرى يدعمون فيها سلطانهم، ويظفرون فيها بحياة أفضل. ومن المحتمل أنهم كانوا يهدفون أيضاً إلى الكشف عن مناجم جديدة للذهب في أرض البجة، تتسع لعدد أكبر من الجماعات العربية المهاجرة إلى هناك. ولم يكد يُقبل عهد الفاطميين، حتى تدفق على مصر جماعات من بيوت قريش، من الحجاز وغيره، وظهرت جماعات منهم، كانت مستترة بمصر أو متفرقة على نواحيها، وكان بعضها في هيئة أحلاف تجمع بيوتاً مختلفة من القرشيين ومواليهم. ورحب الفاطميون بهم، وقريش كما قلنا هم أقرب إليهم نسباً، وهيأوا لهم سبل الاستقرار في ديار مصر، سواء من كان منهم على مذهب الفاطميين أو كان على غير مذهبهم. فرحلت إلى مصر طوائف من العُمريين، من سلالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في أيام الفائز الفاطمي في وزارة الصالح بن رزيك، ومعهم طائفة من بني عدي، وبني كنانة بن خزيمة " فحلوا محل التكرمة على مباينة الرأي ومخالفة المعتقد ". ونزل جماعة منهم بدمياط والبرلس. كذلك ظهرت جماعات من أقارب الفاطميين، من سلالة جعفر الصادق، فسكنوا مناطق بين منفلوط وسمالوط، ومنهم السلاطنة والحيادرة والزيانبة والحسينيون. ولهؤلاء قرية بالقرب من منفلوط، لا تزال تحمل اسمهم إلى اليوم " بني حسين ". وظهر حلف قرشي، قوي الشوكة، كان يضم بيوتاً من الأمويين وبني هاشم ومواليهم، وآثروا السكنى ببلاد الأشمونين، وكان يسكنها قبل مجيء الفاطميين بلىّ وجهينة، كما أشرنا من قبل، فأرغمهم جيش الفاطميين على الرحيل، وأسكنوا قريشاً محلهم. وهذا الحلف القرشي كان يتألف من " عدة بطون من بني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكانوا بادية أصحاب شوكة، وكان معهم بنو مسلمة بن عبد الملك بن مروان حلفاء لهم، ومعهم بطن آخر يقال لهم بنو عسكر، يقال إن أباهم كان مولى لعبد الملك ابن مروان، ويزعمون أنهم من بني أمية صليبة، وكان معهم أيضاً حلفاء بنو خالد ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ينزلون أرض دلجة عند أشمون ". ومنذ ذلك الحين صارت بلاد الأشمونين تسمى في كتب العرب " بلاد قريش ". وظهرت جموع من