قام هذا الحلف في فترة تزعزعت فيها القيم والأفكار إلى حد كبير، وكان لحركة القرامطة التي اتخذت مسرحها شرقي شبة جزيرة العرب، أثر في ذلك، إذ أدخلت على المجتمعات الإسلامية في ذلك الحين أفكاراً غريبة عنها. وقد انضم إلى القرامطة في شرقي شبة الجزيرة العربية قبيلتا بني هلال وبني سليم، ولم يكن لانضمام هؤلاء البدو إلى حركة كهذه أثر يذكر في عقائدهم، اللهم إلا ما ظهروا به من رغبة في الشغب، وخضوع لإرادة غير موجهة. وكان منهم جماعة تنتشر في طريق الحج المؤدي إلى مكة لقطع الطريق والإغارة. وحدث أن تغلب بنو الأصفر على البحرين في سنة ٣٧٨هـ باسم العباسيين، وطردوا منها بني سليم الذين كانوا أعوانا للقرامطة حينئذ. ورأى الفاطميون أن يستعينوا بهؤلاء الأعراب الأشداء، فشجعوهم على الهجرة إلى مصر، فيقول ابن خلدون:" ولما تغلب شيعة ابن عبيد الله المهدي على مصر والشام، وكان القرامطة قد تغلبوا على أمصار الشام فانتزعها العزيز منهم وغلبهم عليها وردهم على أعقابهم إلى قرارهم بالبحرين، ونقل أشياعهم من العرب من بني هلال وسليم، فأنزلهم بالصعيد وفي العدوة الشرقية من نهر النيل، فأقاموا هناك ". كانت هذه الموجات أعداداً هائلة، ولعل بني سليم كانوا أكثر من الهلاليين عدداً. تحولوا جميعاً إلى مصر ولإفريقية حتى لم يبقى لهم عدد ولا بقية ببلادهم. وأمتلأت بجموعهم الجهات الشرقية من الحوف الشرقي والصحراء الشرقية حتى بلغوا الصعيد الأعلى ولبثوا كذلك زمنا، وانضم إليهم جماعات شتى من القيسية والسبئية، مثل فزارة " من القيسية " والمعقل " من اليمنية " وبطون أخرى من القيسية. وصار اسم " بني هلال " علماً على هذه الجماعات المتنوعة المتحالفة، ولعل السبب في هذه التسمية، ما كان لهلال في ذلك الحين من نصيب في زعامة هذه الجماعات، وربما كان لسهولة الاسم ودورانه على الألسنة دخل في ذلك. ورأى الفاطميون الفرصة السانحة لاستغلال هذه القوة الكبيرة في محاربة دولة بني باديس، بالقيروان والمهدية، من بلاد المغرب، وكان مؤسسها الحقيقي، المعز بن باديس قد أعلن انفصاله عن الفاطميين في ذلك الوقت أبو محمد الحسن بن علي اليازوري على تسيير هذه الجموع الهلالية