وحلفائهم إلى المعز لقتاله. ولبثت هذه الجموع تملأ فضاء الجانب الشرقي من مصر عشرات من السنين وكانوا حينئذ كما وصفهم المقريزي " أهل بلاد الصعيد إلى عيذاب ". وكانوا قد شغبوا وأثاروا القلاقل في هذه المنطقة، فأذن اليازوري لهم في عام ٤٤٢هـ للعبور إلى الجانب الغربي من النيل، والانتقال إلى بلاد المغرب لملاقاة المعز بن باديس وكانت لهم هنالك أحداث مثيرة ذكرها المؤرخون. ويهمنا في هذا المقام أن نقرر أن هذه الجموع الهلالية، لم ترحل كلها إلى بلاد المغرب. فقد آثر بعضها البقاء في مصر، والإقامة بالحوف الشرقي شمالا، وبالصعيد الأعلى في أقصى الجنوب. ولا نعرف من الشواهد ما يدل على أنهم سكنوا أيضاً الصعيد الأدنى أو الأوسط. ولعل اختيارهم لمنطقة الصعيد الأعلى، يرجع إلى غنى هذه المنطقة في ذلك الحين " فمن المظاهر الواضحة أن وادي الخصيب لا يتسع في الجانب الشرقي للنيل إلا عند الصعيد الأعلى. وهذا دعاهم إلى الإقامة والاستقرار والتطور من البدو الضاربين فيما يشبه الصحراء إلى فلاحين يزرعون الأرض ويتجرون في غلاتها، وإن احتفظوا بإثارة من الفروسية، تبدو في إجادتهم ركوب الخيل، وما يشتجر بينهم من فتن وحروب، ومنها ما يقع بين أحياء القفر ". أما في الحوف الشرقي فلا تزال آثارهم شاخصة إلى يومنا هذا. ومن الهلاليين الذين سكنوا الصعيد الأعلى بطون عدة ذكر منها المقريزي في " البيان " بني رفاعة وبني حجير وبني عزيز وبني قرة وبني عمرو وبني عقبة وبني جميلة.