منذ أن حمل القرشيون لواء مقاومة الحكم التركي في عام ٦٥١هـ، بقيادة الشريف حصن الدين ثعلب، توالت حركات المقاومة، وكان أغلبها يتركز في منطقة أسيوط ومنفلوط. وليس في أسماء القبائل التي وقفت إلى جانب حركة حصن الدين ما يفيدنا بأن بليا وجهينة قد أسهموا فيها بنصيب. ونحن نعلم أن هاتين القبيلتين، منذ أن أرغمهما الفاطميون على إخلاء بلاد الأشمونين، وإحلال قريش محلهم، فد تفرقتا في الصعيد الأعلى، فصار لبلي الرقعة الممتدة من جسر سوهاج غربا إلى غرب قمولة، وصار لجهينة من الشرق من عقبة قاو الخراب إلى عيذاب. وكان بمنفلوط وأسيوط جماعات من جهينة. ولم تقف جهينة مكتوفة الأيدي إزاء المماليك، فقد أسهمت في المقاومة بنصيب بعد أن خمدت حركة حصن الدين. ففي عام ٦٩٨هـ قامت أحلاف من البدو، لم تذكر المصادر أسماء قبائلهم؛ ولكن كان مسرحها منفلوط وأسيوط. وهذا ما يحملنا على الظن بأن جهينة، كان لها نصيب في هذه الحركة، إن لم تكن قد حملت لواءها. وكان الغرض من هذه الحركة السيطرة على منطقة الصعيد " ففرضوا على التجار وأرباب المعايش بأسيوط ومنفلوط فرائض جبوها، واستخفوا بالولاة، ومنعوا الخراج، وتسموا بأسماء الأمراء، وجعلوا لهم كبيرين: أحدهما سموه سلار والآخر بيبرس " وهما اسما أميرين من المماليك كانا معاصرين لهذه الأحداث " ولبسوا الأسلحة وأخرجوا أهل السجون ". واستمرت حركة المقاومة ثلاث سنوات، ثم قضى المماليك عليها، " وخلت بلاد الصعيد من أهلها بحيث صار الرجل يمشي فلا يجد في طريقه أحداً، وينزل القرية فلا يرى إلا النساء والصبيان، ثم أفرج السلطان عن المأسورين وأعادهم إلى بلادهم لحفظ البلاد ". وفي عام ٧٤٩هـ نشب نزاع بين عرك وبني هلال، وتدخل المماليك في هذا النزاع، ومالأوا بني هلال، وقتل عدد كبير من المماليك وأمرائهم في هذا الحادث. وكان هذا إيذانا بحرب عنيفة بين المماليك والعركيين وحلفائهم. أما عرك فهي بطن من جهينة، كانوا في بلاد العرب في الشمال الغربي منها، ومن جبالهم الحُت. ثم انتقلوا مع جهينة إلى الصعيد الأعلى واستمرت حركة المقاومة حوالي خمس سنوات أو أكثر " ٧٤٩ - ٧٥٤هـ " بزعامة محمد بن واصل العركي الذي كان يلقب بالأحدب،