خشوعاً مروعاً لتقوى الإِله ... وما كان من قبله بالمروع
ثم أقام في مكة عشرة أيام بعد الحج يفرّق الصدقات المبرورة حتى وصلت صدقاته إلى كل منزل بمكة وعمت جميع الحجاج على اختلاف أنواعهم وجهز حاج مصر بالأنعام العام والأزواد والمراكب وكسى البيت المعظم وأنعم على رؤَساءِ الحرم بالتشريفات ونثر على البيت الذهب والفضة.
ولما أزمع الرحيل تقدمت الاستاق المباركة إلى البير المعروفة بالبيضاء ثم ودع البيت باكياً مستعبراً وعاد سعيداً مقبولاً ولم يزل يوالي البر وينشر العرف في كل محطة حتى وصل بلاده.
وفي هذه السنة توفي الفقيه العالم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مصباح بن عبد الرحيم الأحولي العنسي. وكان مولده سنة سبع وخمسمائة أخذ عن إسماعيل بن سيف السنة وعن محمد بن مضمون وأبي حديد وغيرهم. ثم لما سمع بمعمر ارتحل إليه فوجده قد توفي قبل قدومه بقليل. فدخل بلد يزد فاخذ عن الفقيه محمد بن إبراهيم اليزدي ثم عاد إلى جبلة فأقام بها ببيع العطر وهو يشتغل بقراءَة الكتب. فلما ابتنى الدار النجمي المسجد الذي تنسب إليهم في جبلة جعلوه مدروساً فيه حتى توفي. وعند أخذ جمع كبير وقُصد من الأماكن البعيدة لعلو سنده وغرر روايته. وكان رجلاً صالحاً لما أهل له من التدريس. وممن أخذ عنهُ الفقه عمر بن سعد العقيني. ولم تزل ذريته يتوارثون تدريس المسجد بعده لا يعسر ذلك عليهم وكانت وفاته لأربع بقين من ذي القعدة من السنة المذكورة.
وأما معمر المذكور الذي كان في الهند وقصد الفقيه زيارته كما ذكرنا فكان أسمه براءٍ مفتوحة وتاءٍ مثناة من فوقها وآخره نون على وزن وثن مفتوح أوله وثانيه. قيل أنه توفي سنة إحدى عشرة وستمائة في جزيرة بالهند تسمى فروزاً اخبرني من أثق به أنه وجد هكذا مكتوباً بخط الفقيه الإمام القطب أحمد بن موسى بن