للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فيطلب الأجر والثناء وملك ناحية عظيمة من شرق اليمن وهي حجر ونواحيها وتغلب على حصون كثيرة منها العروسين ووعل والبورة ونعمان شرقي الجند وحارب ملوك الغز ولم يظفروا منه بطائل. وكان السلطان نور الدين في مدته قد حط عليه عدة محاط بالمقطعين من أُمرائه وطلخاناتهم إذا جاءَ وقت ما يضربون النوبة ترتج الأرض وترتعب النفوس فيقول علوان لقومه يا مدجح لا تفزعوا فإنما هي جلود بقز وله قصيدة في التأليب على حرب السلطان نور الدين يقول فيها:

من تاب عن حرب نور الدين من جزع ... فإنني عنهُ ما عمرتُ لم أَتبِ

وكاتب السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية وسأَل منه الإعانة في حرب نور الدين فأعانه بأموال جمة. ولم يزل السلطان نور الدين يتطلف به ويبذل فيه الرغائب حتى أُتي به إليه أسيراً فحسبه في حصن جب فلما صار في السجن أكثر التضرع إلى الله تعالى والدعاء بالخلاص فيقال أنه رأَى في النوم قائلاً يقول لهُ ادع الله بهذه الكلمات: اللهم إني أسأَلك بما ألهمت به عيسى من معرفتك وما علمته من أسمائك التي صعد بها إلى سماواتك وبما علمتهُ من ربوبيتك ووحدانيتك إلا فككت أسري برحمتك وكرَّر ذلك حتى حفظه فلم يزل يدعو بهذا الدعاء أياماً حتى أطلقهُ الله وأعاد إليه حصونه.

ومن محاسن أفعاله أنه كان متى بلغه أن يتميمه قد بلغت الزواج ولم تتزوج ولم يُرغب خطبها هو واحضر لها مالاً له قدر فإذا خلا بها طلقها وربما يطلقها قبل أن يخلو بها فتُرغب من بعده إما للمال أو شحاً على زوجاته لها بعده وكان هذا دأْبه. ولما توفي السلطان نور الدين في تاريخه المذكور وطلع ولده السلطان الملك المظفر من تهامة استعان به على أحد تعز فأَقبل إليه بنحو من عشرين ألف رجل من مذحج. وكان شاعراً فصيحاً حسن الشعر ومن شعره قوله:

والله لا استوطنت أرضاً تربها ... مسك إذا حظي بها مقسومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>