وفيها توفي الفقيه الصالح أبو العتيق أبو بكر عبد الله بن محمد بن عمر بن محمد بن أبي عمران الملقب بالصوفي. وكان فقيهاً زاهداً صالحاً ورعاً متفنناً متقناً درس ببلده ثم درس ببلد صهبان ولم يزل بها حتى دنت وفاته فعاد إلى بلده فتوفي بها في السنة المذكورة والله أعلم.
وفي سنة إحدى وستين تسلم السلطان حصن الجاهلي اشتراه من الشريف أحمد بن قاسم القاسمي في شهر بيع الأول. ثم تسلم حصن السوا في شهر رجب من السنة المذكورة. ثم تبارت العساكر المنصورة في شوال إلى حصن دمرمر فكانت محطة في الحصن الأبيض ومحطة في الحصن الأحمر ومحطة في أكمة ابن سنية ومحطة في الهامة. ووصل الأمير عز الدين محمد ابن أحمد بن الإمام والأمير عز الدين هبة بن الفضل وبذلوا لأهل دمرمر مائة ألف دينار وحصن بريس وحصن فده ووادي طهر وغير ذلك من الكسى والأنعامات فلم يقبلوا فأصابهم مرض لم يسمعوا بمثله كان إذا أصاب أَحداً سقطت أضراسه كلها فيقيم بعد ذلك نحواً من خمسة عشر يوماً ثم يموت. فهلك منهم طائفة في مدة يسيرة.
وفي هذه السنة أرسل السلطان بكسوة البيت وكسوة الحجرة الشريفة على صاحبها افضل الصلاة والسلام. وفيها توفي الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفَشلَي. وكان فقيهاً كبيراً محدثا مولده في الرابع عشر من شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة وأخذ عن جماعة الأكابر كالشريف أبي حديد وابن حروبه الموصلي وغيرهما وارتحل إلى مكة والمدينة وأخذ عن أعيان المشايخ هنالك كابن أبي الضيف وعمر بن عبد المجيد القرشي وغيرهما. وأخذ عنه كثير من أهل اليمن وغلب عليه علم الحديث فكان إماماً فيه وهو أحد مشايخ أبي الخير بن منصور وممن أخذ عنه أحمد بن علي السرددي وغيرهُ. وكانت له مكانة عند الملك المنصور نور الدين ثم عند ولده السلطان الملك المظفر. وسمع عليه عدة من كتب الحديث. وكانت وفاته يوم الأربعاء عاشر شهر رمضان