أقبلت في لجب تسد فضاءَهم ... من خلقهم وأمامهم يتجلجل
وإلى ابن هاوس أتوا من فورهم ... مستنهضين قيامهُ فاستعجلوا
فأَجابهم وإذا تكون عظيمة ... ندعى لها أين الإمام الأول
ولما رجع السلطان من ذمار أمد علم الدين بمال جزيل فسار إلى صنعاءَ وكانت طريق الأشراف يوم هزيمتهم المغارب ولحقتهم مضرَّة شديدة وساروا إلى حصن ذمار المعروف بالخواليين وكان في يد الشريف علي بن عبد الله فأقاموا فيه مدةً والأمير صارم الدين يراسل الإمام مطهر بن يحيى ويستدعيه الإمامة. فلما وصل إليه الزمهُ القيام بالإمامة فدعى إلى نفسه فأَجابهُ كافة الزيدية. فأقام الأشراف مدَّة في بلد بني شهاب على غير قاعدة ثم حصل عقيب ذلك بين السلطان وبين الأمير صارم الدين مراسلات أفضت إلى الصلح فيما بينها فاخرج الأمير صارم الدين الإمام مطهر والشريف علي بن عبد الله وتصوَّراتهم يحفظون الحصون ويحاربون فيها فكان الأمير علي بن بن عبد الله يختلف بن الحصون فتارةً في كوكبان وتارةً في ردمان وأخرى في القاهر وعران.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن علي بن إسماعيل الحضرمي. وكان كبير القدر شهير الذكر من كرام الفقهاء وخيارهم وكان جواداً كريماً. يروى أنه ما سأَلهُ سائل شيئاً من الدنيا فرده وربما لقيهُ السائل فأَعطاه بعض ثيابهِ حتى أنه كان يأتي عليهِ وقت يعجز فيهِ عن الخروج من عدم الثياب. ويروى أنه عاهد الله لا رد سائلاً قط. حكي أنه سأَلهُ سائل يطلب شيئاً فدخل منزلهِ فلم يجد إلا الطعام الذي تطبخهُ الخادمة فأخذهُ بإنائهِ وذهب بهِ إلى السائل فأَعطاه إياه. وكان الفقيه إسماعيل يعظمهُ ويقول هو أزهدنا وأعلمنا وأَورعنا وامتحن بحصر البول فكان يقل مجالسه الناس لذلك. وكانت وفاته رحمهُ الله في زبيد يوم رابع المحرم من السنة المذكورة.