للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرّعلا. فوصلت عساكره القاهر. وعجزوا عن قصد علم الدين إلى المحطة. فلما رأَوا أمورهم إلى نقصان طلب الأمير جمال الدين علي بن عبد الله لقاءَ الأمير شمس الدين علي بن حاتم وتحدث معه في أَمر الصلح. فقال الأمير جمال الدين خذول لي من مولانا السلطان مائة ألف دينار وأعطوني في رهينة منكم في تسليم المال.

ولم يزل إلى أن اتفقوا على تسليم ألفي دينار ويخرجون من الحصون ويسلمونها فانعقد الأمر على ذلك. وصاحت الصوائح لهم بالذمة. وسلموا كافة الحصون الحضورية وفي شهر رمضان تسلم السلطان حصن ردمان. وخرج من فيه من الأشراف وعاد الشريف علي بن عبد الله على الظاهر والإمام إلى المعازب.

وفي هذه السنة توفي الشيخ والفقيه الإمام العارف بالله أبو الفدا إسماعيل بن الفقيه الصالح محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل ابن أحمد بن ميمون الحميري اليزني نسبةً إلى ذي يزن الملك المشهور. وكانت ولادة الفقيه إسماعيل يوم التاسع من ذي الحجة من سنة إحدى وستمائة ويروَى أنه لما تزوج أمه قيل له يا محمد يأْتيك ابنان محدث ومحدث الأول بفتح الدال. والثاني بكسرها. وكان تفقه بابيه وعمه علي بن إسماعيل. ثم أخذ عن جماعة من الكبار. كيونس بن يحيى والبربان الحصري وغيرهما. وكان نقالاً لفروع الفقه غواصاً على دقائقه. وله مصنفات مفيدة. منها شرح المهذَّب وغيره. ثم ارتحل إلى زبيد لغرض الزيارة في طلب العلم. فتزوج بابنة الفقيه أبي بكر بن حنكاش المقدم ذكره وبابنة الفقيه أبي الخير الذي سيأتي ذكره فيما بعدُ أن شاءَ الله تعالى وغلب عليهِ حب استيطان زبيد. واجتمع به السلطان الملك المظفر غير مرةٍ وسمع عليه البخاري. وولي القضاء الأكبر في تهامة فأقام فيه نحو سنة فاستخلف في القضاءِ من وثق بدينهِ وورعهِ واشترط عَلَى كل قاض إلا يحكم إلا بمحضر من الفقهاءِ. فيقال أنه خوطب يا إسماعيل رضيت بالنزول عن التسمي بالفقه إلى التسمي بالقضاء أو كما قيل. وقيل بل كان كثير التردد إلى تربة الشيخ الصالح أحمد بن أبي الخير الصياد. وكان قد يجد عندها دليلاً على صلاح حالهِ فنوجي هنالك بذلك فعزل نفسهُ من القضاءِ. ومما يروى عنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>