أنه دخل بيت قاضي زبيد. وكان من خواص أصحابهِ وزوج أُخته. فوجد في بيته ثياباً من الخَزَ. وكان لا يعرف معهُ شيئاً من ذلك. فقال لهُ من أَين لك هذه الثياب فقال من تركتك يا أبا الذبيح فقال ذبحني اله أن لم أعزلك ثم عزله نفسهُ بعده. وكان مبارك التدريس انتفع بهِ خلق كثير من فقهاءِ اليمن. ومن عجيب ذلك ما روي عن الفقيه الصالح محمد بن معطن. وكان من الفقهاء الزهاد قال كنت في بلدي فعرض لي أن اقرأَ النحو فرأَيت في المنام قائلاً يقول لي اذهب إلى الفقيه إسماعيل الحضرمي واقرأْ عليه النحو فعجبت من ذلك لأنهُ لم يشتهر بمعرفةٍ تامة في النحو. ثم قلت قد حصلت الإشارة فعزمت على السفر من بلدي وهي قرية الرقبة من قرى وادي رمع. فسافرت حتى دخلت الضحى. فوجدت الفقيه في حلقة التدريس من أصحابه. فلما رآني سلمت عليهِ فرد عليَّ ورحب بي وقعدت بين أصحابه. فقال لي يا فقيه قد أجزتك في جميع كتب النحو فأّخذت ذلك بقبولٍ وعدت بلدي فما طالعت شيئاً من كتب النحو إلا وعرفت مضمونه ببركة الفقيه رحمه الله تعالى ونفع بهِ.
قال الجندي. واخبرني الثقة عن الفقيه حسن الشرعبي أنه سمعهُ يقول رأَيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي ليلة من الليالي فقلت يا رسول الله من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فقال هم الدرسة فلما كان الليلة المقبلة رأَيته صلى الله عليه وسلم. فقلت يا رسول الله أي الدرسة هم قال هم درسة الفقيه التنبيه والمهذّب. فقلت يا رسول الله فدرسة القرآن قال أولئك أصفياءُ الله. وكانت وفاة الفقيه نفع الله بهِ يوم التاسع من ذي الحجة من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الإمام البارع أبو عبد الله محمد بن الحسن الصمعي وكان فقيهاً فاضلاً عارفاً متفنناً وغلب عليه فن النحو. وله فيه مصنفات كثيرة مفيدة. وله مصنف في العروض وتفقه بهِ جماعة. وهو الذي درس قبل السرَّاج في المدرسة المنصورية بزبيد. وله عبارات مرضية توفي في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن حزابة بضم الحاءِ