المهملة وفتح الزاي والباء الموحدة. وكان تفقهه بأَبي شعبة المذكور آنفاً وأخذ شيئاً من الأصول عن السلعاني. وكان سبب تفقههِ أنه اشترى وعاءَين من الأرز من الفقيه أبي بكر بن حجر فأكل أحدهما. ثم لما فتح الوعاءَ الآخر وجده أبو بكر بن حجر احسن من الأول. فاسترجع وقال بعتك ما لم أَرهُ فلا يصح البيع. فحملته الأَنفة على قراءَة الفقه فقراَ على أبي شعبة. ثم أن أَبا بكر بن حجر حدث معه حادث سرور استدعى شيئاً من الزعفران. وكان الزعفران يومئذ معدوماً لا يوجد إلا عند ابن حزابه المذكور. وكان عطاراً فوصل الفقيه أبو بكر بن حجر إليه وعوَّل عليه في شيءٍ منهُ فأَجابه قال يا فقيه بعتك معلومةً من غير نظر الزعفران. ثم استدعى بوعائه فلما فتحهُ قال يا فقيه بعتك ما لم أَره فالبيع فاسدُ. فتوقف أبو بكر بن حجر. وناوله الفقيه دراهمه فأَخذها وهم بالرجوع بغير قضاء حاجةٍ. فذكره ابن حزابة بما فعل معه يوم أرز ثم باعه مراده من الزعفران ولم يرده خائباً. وكانت وفاة ابن حزابة قبل وفاة شيخه أبي شعبة بأيام قلائل في السنة المذكورة والله أعلم.
وفيها توفي الفقيه البارع أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن حسن بن علي الفارسي بلداً التمي نسباً. وكان أَصل بلده من بلاد فارس دار جرذ بكسر الجيم وسكون الراء وآخره ذال معجمة. كانت فيما تقدم دار ملك فارس. وكان أهل هذا الرجل بيت وزارة ملوك فارس قاله الجندي. قال ونستهم ترجع إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وارتحل والد هذا الفقيه المذكور من بلد فارس إلى مكة المشرفة فجاور فيها ست عشرة سنة. ثم قدم عدن فتديرها وظهر له فيها الولد المذكور. فلما أَراد الولد الاشتغال قرأَ على السلعاني الفقه والمنطق والأُصول وأخذ عن الصغاني اللغة. وأخذ عن الشريف الطب والمنطق والموسيقى وعلم الفلك وبه اشتهر. وله فيه مصنفات عديدة وله في الموسيقى كتاب دائرة الطرب ورسالة فيها. وكتاب في وضع الألحان. وكتان التبصرة في علم البيطرة ولايات الأناق. في خواص الأَوفاق. وكتاب في معرفة السموم. وكانت وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.