وفي سنة سبع وسبعين توفي الأمير الأجل الكبير أسد الدين محمد بن الأمير الكبير بدر الدين الحسن بن الأمير الأجل الكبير شمس الدين بن علي ابن رسول الغساني وكان من أكمل بني رسول في الدين والشجاعة واكرم وعلو الهمة وكان أسداً قوياً شديداً وبقوته يضرب المثل. وكان يقبض على الركاب الحديد فيضم بعضه إلى بعض. وهو الذي رمى الهلال الذي على منارة صنعاء بدبوس من حديد فأسقطه عن مستقره. وكان كريماً جواداً. قل ما قصده إنسان إلا وأناله مقصوده. وأجل عطاءه ورفده وله من الآثار الدينية مدرسته التي في مدينه ابٍ. ومدرسته التي بالحبالى وفيها قبره وقبور جماعة من ذريته. وبنى سدَّا في قرية قرنة. ووقف على الجميع أوقافاً جيدة تقوم بكفاية الجميع. ولما سجنه ابن عمه السلطان الملك المظفر اشتغل بالقراءة فكان يستدعي الفقهاء إلى موضعه فيقرأ لهم ويحسن إليهم لاسيما الفقيه أحمد ابن علي السرددي. أنه كان رأس المحدثين يومئذ في مدينة تعز. فقرأ عليه عدة من مسموعات الحديث. ونسخ عدة من الكتب والمصاحف والمقدمات ووقفها ف عدة من الأماكن ولم يزل على أحسن حال إلى أن توفي يوم الثالث عشر من ذي الحجة من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. وله عقب كثير. وأولاد من خيرة أولاد الأمراء. وكان افضل أولاده أبو بكر. كان كاملاً عاقلاً متأدياً يقول الشعر حسناً:
إذا لم أقاسمك المسرة والأسى ... ولم أجد الوجد الذي أنت واجد
ولم اسهر الليل الطويل كآبةً ... فما أنا مولود ولا أنت والد
وهذا البيتان من قصيدة له كبيرة كتب بها إلى أبيه وهو في السجن رحمة الله عليهما. وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو بكر بن يوسف المكني الحنفي وكان فقيهاً جليل القدر مشهوراً ورعاً راضياً من الدنيا بالكفاف وكان عالي الهمة شريف النفس عالماً عاملاً مشهوراً نحوياً متأدياً مترسلاً عارفاً بالطب شيخه في ذلك أبو سواده. وكان يقري أهل المذهبين كما كان شيخه.
قال الجندي اخبرني الثقة من أصحابه أنه قال له يوماً عل قرب من وفاته رأيت