كأن القيامة قد قامت وأحضرت الأئمة بين يدي الله تعالى. وهم أبو حنيفة. ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل. فقال الباري جل جلاله. إني أرسلت إليكم رسولاً واحداً بشريعة واحدة فجعلتموها أربعاً ردوها عليهم ثلث مرات فلم يجبه أحد. فقال له أحمد بن حنبل يا رب أنت قلت وقولك الحق لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً. فقال له تكلم فقال يا رب من شهودك علينا قال الملائكة قال يا رب لنا فيهم القدح. وذلك انك قلت وقولك الحق.) وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض حليفةً. قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء (فشهدوا علينا قبل وجودنا. فقال الباري جلودكم تشهد عليكم. فقال يا رب كانت جلودنا لا تنطق في الدنيا وهي تنطق اليوم مغصوبة. وشهادة المغصوب لا تصح فقال الباري جل جلاله أنا أشهد عليكم. فقال يا رب حاكم وشاهد فقال الله تعالى اذهبوا فقد غفرت لكم. ثم لما كان في السابع عشر من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. رأى بعض أحبار أهل زبيد أن منارة مسجد الأشاعر قد سارت من مكانها حتى خرجت من المقابر وتغيبت فيها فتوفي الفقيه بعد ذلك وخرج الناس لدفنه فرأى الرائي أن للفقيه قبراً في الموضع الذي غابت فيه المنارة فعلم إنها عبارة عن الفقيه رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن سالم علي العنسي بنون بين العين والسين المهملتين. وكان يُعرف بابن التائه تفقه بعمر بن مسعود الأبيني وبالوزيري وأخذ عن المقدسي. واتهم في دينه ولم يزل مهاجراً للفقهاء منافراً لهم حتى أمكنه الدخول على البهاء وهو يومئذٍ متولي الوزارة والقضاء فحلف لهُ أنه ما تغير عن معتقده وأوقفهُ على كتاب صنفهُ في معتقد السلف قبل منهُ بعض قبول. وكانت وفاتهُ ليلة الفطر من السنة المذكورة. وقيل يوم عبد الفطر قبل الصلاة من السنة المذكورة والله أعلم.
وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن مسعود بن إبراهيم بن سالم بن أبي الخير بن محمد الصحاوي وكان مولدهُ في النصف من شعبان سنة ثماني عشرة