عندهُ من صامت وناطق ولم يبقَ عندهُ شيءُ وكنت استمد من مولانا السلطان فلما لم يجد شيئاً ينفقه على من معه وصلني بنفسه فلما أناخ بعيره على باب داري ودخل الحاجب يستأذن لهُ فقلت لهُ يصل. فلما دخل عليَّ قال لي أعلم لما أردت الخروج إليك أشهدت جماعة أهل بيتي إني عل ذمة ابن رسول وذمتك يا محمد قل فقلت لهُ وهما عليك ثم أكرمتهُ وأحسنت إليه وجعلت لهُ موضعاً بكفيه وعاد إلى أهله على أحسن حال فجرى على ذلك النمط أربعة أقوام أحاربهم حتى يؤدوا أنفسهم إليَّ وبعد ذلك لم يرفع رأسه إليَّ أحد من أهل حضرموت.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل أبو محمد سعيد بن أسعد بن علي الحراري واصل بلده قرية المراح في راس وادي نخلان وكان حافظاً لكتاب الله تعالى في ذي أشرق وكان حسنَ الصوت والخط فاستدعته الدار النجمي إلى ذي جبلةَ فصار بينهم معلماً عندهم. وكان السلطان الملك المظفر يختلف إليهم في أيام أمريته فحصلت بينهم وبينه معرفة فلما صار الملك إليه سأل من عمته الدار النجمي أن تؤثره به ففعلت فجعله معلماً لولده الأشرف فنال نصيباً وافراً من الدنيا وكان كثيراً ما يصدهُ عن أمور غير لائقة. فلما توفي ترحم عليه الأشرف وقال لقد كان يردنا عما لا يليق بنا. وهو الذي عمل الحوض الأسفل من النقيلين وجرَّ إليه الماءَ. وكان الغالب عليه الخير وصحبه الفقيه إسماعيل الحضرمي وأمثاله. وكانت محاضرة عند الأشرف جيدة وتأهل بامرأة من أهل السمكر واستوطنها. ولم يزل بها إلى أن توفي في شهر شوال من السنة المذكورة وكان له ثلاثة أولاد أكبرهم عمر خدم الأشرف سنتين. ثم صحب الفقيه أبا بكر التعزي الآتي ذكره وشغف به فترك الخدمة وتزهد وبعد ذلك سلك الطريق المعتادة. واشتغل بالزراعة وغيرها إلى أن توفي لعشر بقين من جمادى الأولى من سنة سبع وسبعمائة. وكان أخوه اسمه عل بن سعيد وكان كثير التلاوة للقرآن. واعتزل الناس حتى توفي سنة ست عشرة وسبعمائة. وكان اسم ابنه الثالث محمد رحمهم الله. وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو زكريا يحيى بن عثمان بن يحيى بن فضل بن اسعد بن حمير بن جعفر بن أبي سالم المليكي. وكان ميلاده آخر