أعاتبه في الهجر أم لا أعاتبه ... واصبر حتى يرعوي أم أُجانبه
فمن مبلغ عني إلى الملك يوسف ... أبي عمر معطي الجزيل وواهبه
فشفع أبانا في بنيه فانه ... شفيعك في الذنب الذي أنت كاسبه
فيقال أن الخليفة رحمه الله لما قرأَ هذا البيت بكى. وقال أخلصه كرامة لجده صلى الله عليه وسلم. ويقال أنه رأَى النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على وجهه وقال لأَجازينك يوم القيامة بها.
وفي هذه السنة نزل السلطان إلى زبيد بسبب الفرحة التي أنشأَها لتطهير أولاد أولاده ونزل بسببها الملك المؤَيد من صنعاء ونزل الشريف جمال الدين علي بن عبد الله والأمير نجم الدين موسى بن أحمد بن الإمام فكان ذلك سبباً لقوة إمارة الأمير همام الدين سليمان بن القسم ابن عمه الأمير صارم المتوفى إلى رحمة الله تعالى فملك الأمير همام الدين حصون ظفار. وسار إلى تلمص بصعدة. فقبضه فلما رجع مولانا الملك المؤّيد إلى صنعاء وقد انتقض الصلح بين الأمير والسلطان كما ذكرنا تظاهر الإمام بنقض الذمة. ولما نقض الإمام الذمة جاءَت كتب أهل المشرق بالطاعة لمولانا السلطان فطلع مولانا الملك بجيوشه وعساكره فلم يبق أحد من قبائل المشرق إلا وصل ودخل في طاعته رغباً ورهباً. ومنهم من امتنع فقاتل الملك المؤَيد الممتنعين وأَخرب ديارهم فدخلوا في طاعته قسراً واستولى الملك المؤَيد على كافة المشرق جميعه فأخرجه.
وفي هذه السنة توفي الأمير الكبير محمد بن عباس بن عبد الجليل وكان قد نال مرتبة مع السلطان الملك المظفر وحمل له طلبخانة وجعله من جملة حرفائه. وكان أميراً كبيراً شهماً فارساً شجاعاً مقداماً لكن غلب عليه العجب فكثر عليه " التشكي " إلى السلطان. ونقل عنه إلى السلطان أمور لا يحتمل الملوك بعضها فلزمه وأَمر بكحله وكان ذلك في زبيد بسنة ثلاث وتسعين وستمائة. فانتقل إلى بيت الفقيه ابن عجيل وسكن هنالك. ولم يزل يتردد بين زبيد وبيت الفقيه إلى أن توفي