للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وشعوب لم تسلك قبل ذلك فخرج على بلاد بني وهاس ثم على الظاهر إلى أن سار إلى ذروان. وعلا الملك المؤَيد جبال اللوز إلى صنعاء ظافراً مسروراً فأقام فيها بقية عامه ذلك.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الإمام الفاضل أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن محمد بن منصور الأصبحي. وكان فقيهاً كبيراً عالماً عارفاً محققاً مدققاً موفقاً في الجواب مبارك التدريس تفقه به جمع كثير من نواحٍ شتى وله عدة مصنفات منها المصباح مختصر في الفقه. والفتوح في غرائب الشروح والإيضاح في مذاكرة التنبيه. والوسائل. والترجيح. وفضائل الأعمال. والإسراف في تصحيح الخلاف. وكان الناس قد عكفوا عليه حتى ظهر كتاب المعين تصنف تلميذه أبي الحسن علي ابن أحمد الأصبحي. فاشتغل الطلبة وغيرهم بالنظر فيه عن غيره. وكان هذا الفقيه رجلاً عابداً زاهداً متورعاً كثير التلاوة للقرآن. وكان راتبه كل يوم من الأسبوع سبعاً من القرآن. وفي شهر رمضان ستين ختمة يقرأُ في كل يوم ختمة وفي كل ليلة ختمة فلما جاءَ شهر رمضان الذي توفي عقبيه ختم خمساً وسبعين ختمة وكان شديد الورع من صغره لا يأكل إلا ما تحقق حله. ولقد أَقام في مصنعة سير فوق عشرين سنة لا يأكل لهم طعاماً إنما يأكل من كيلته من وقف وقفهُ القاضي أبو بكر بن أحمد على من يدرس في جامع المصنعة وكان كثير العبادة وزيارة الصالحين والمساجد المباركة. وممن تفقه به الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الأصبحي والفقيه عبد الوهاب بن الفقيه أبي بكر بن ناصر وعبد الله بن سلم وأبو بكر بن الليث ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن عبد الله بن أسعد العمرانيان وغيرهم. وكانت حلقته تجمع أكثر من مائة فقيه في غالب الأوقات وربما بلغوا أكثر من مائتين في كثير من الأوقات ثم ضاقت به المصنعة فانتقل عنها إلى مدينة إِب فتلقاه أهلها بالإجلال والإكرام واحتملوا من جاءَ معهُ من الطلبة وقاموا بكفاية الجميع ما داموا منقطعين. وتوفي على أَحسن حال يوم الجمعة السادس من شوال من السنة المذكورة رحمه الله. وعمره يومئذ تسع وخمسون سنة. وقبر إلى جنب قبر الإمام سيف السُّنَّة ورآه بعض الفقهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>