للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لزمهُ مجاورة. وكان يقول شعراً رائقاً. وكان له أعداء يغزونه في جمع كثير يريدون قتله ونهب بيتهِ فيخرج إليهم ويقاتلهم ويهزمهم وحده وربما قتل أَو جرح فيهم. وكان يكرم واصليه ويحسن إليهم. وكانت وفاتهُ رحمهُ الله تعالى في جمادى الأولى من السنة المذكورة. وكان له من الولد محمد بن علي ومنصور بن علي تفقه بشيخه منصور الشعبي. فأما منصور بن علي فعكف على الفقه والحديث وتقنه والنحو واللغة والفرائض والأصول والحساب. وكان مع ذلك شجاعاً وله بصيرة في الصناعات كالتجارة والخياطة وغيرهما. وكان يقول الشعر أيضاً وامتحن بقضاء الدملؤَة من قبل ابن الأديب فأقام فيه مدة يسيرة ثم توفي أول سنة ثماني عشرة وسبعمائة.

وأما أخوه محمد بن علي فإنه خدم في الدولة المؤَيدية كاتب الإنشاء وكان ذا دراية ثابتة وكان يقول شعراً مستحسناً. وكان كريم النفس وله مروءَة طائلة. ويحب أبناء جنسه من الفقهاء والطلبة ويعتني بحوائجهم. وكانت وفاته في غرة رجب من سنة ثماني عشرة وسبعمائة رحمهم الله تعالى.

وفي هذه السنة المذكورة توفي الفقيه الصالح أبو محمد عبد الله بن محمد عرف بمكرم بن مسعود بن أحمد بن سالم العدوي نسباً والمكرم لقباً. وكان فقيهاً صالحاً زاهداً ورعاً متمسكاً بالأثر. وكان عارفاً بالنحو والفقه واللغة والحديث. وكان ذا سيرة مرضية مواسياً للأصحاب كثير الذكر. ولما مرض دخل عليه أصحابه يعودونه فجعل يستحل منهم واحداً واحدا فقيل له لا تجزع فأنت في خير وعافية. فقال لم يبق من عمري سوى خمسة أيام. فقيل له بم عرفت هذا. فقال رأَيت الحق نهار أمس فهممت أن أتعلق بهِ فقيل لي بعد ست فوقع في قلبي إنها ستة أيام وقد مضى لي يوم فكان كما قال. فلما حضرته الوفاة أُغمي عليه فلما أفاق قال لمن حوله أين الثوب الذي أعطاني ربي. ولازم على ذلك ملازمة شديدة فأعطوه ثوباً من ثيابهم فردَّه. فقال أن ثوب ربي لا يشبه ثياب الآدميين وما كان ربي ليرجع في هبته. ثم عاد في غشيته وكان آخر كلام سمع منه إلا إِله إلا الله. وكانت وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>