سليمان بن تقي الدين لا أصبتم مني عافية. ففعل. فلما وصل كتابهُ إلى الجند نهضوا بأجمعهم إلى سليمان بن تقي الدين فأغلقوا باب المجلس وأمروا إلى الملك المسعود رسولاً يعلمهُ بذلك. فلما علم بذلك أرسل نائبه فطلع فأمسك سليمان وقيدهُ. ثم طلع الملك المسعودُ حصن تعز وكان طلوعهُ يوم الأحد عاشر صفر من سنة اثنتي عشرة وستمائة. واستولى على اليمن بأسره من التاريخ المذكور. وأرسل سليمان بن تقي الدين إلى مصر مقيداً. ولم يزل الأمير شمس الدين عليُّ بن رسول وأولادهُ مقيمين في اليمن مع بني أيوب على أحسن سيرة. وكان الأمير شمسُ الدين عاقلاً كاملاً صالحاً تقياً لهُ رأي ورئاسة ونظرُ وسياسة. وكان له عند سيف الإسلام المحلُّ الأعلى والقدحُ المعلى حتى أن نساء سيف الإسلام لم يكن يحتجبن منهُ لصلاحهِ وحسن سيرتهِ والتماس بركتهِ.
ولما كتب الظاهر بيبرسُ صاحب الديار المصرية إلى الملك المظفرِ رحمهُ الله كتاباً يهددهُ فيه ويتوعدهُ أجابهُ الملك المظفرُ رحمة الله عليه بما معناهُ نحن محفوظون ببركة جدنا ولا نخافُ ضرا بحمد الله وبركةِ جدنا رحمه الله. وكان الأمير شمس الدين رحمه الله يسكن في ناحية جبلة ومن مآثره قصر عومان هنالك. وكثيرُ من ذريته يسكنون هنالك إلى يومنا هذا. وكان يحب العلماء والصالحين ويحبونه لحسن سيرته وصلاح سريرته وكان كثيراً ما يتولى في الجهات الخيسية وصحبَ الفقيه الصالح حسن بن أبي بكرٍ الشيبانيَّ. وكان الفقيهُ حسن الشيباني من الصالحين الكبار وكان يرشدهُ لأفعال الخير والرفق بالرعيةِ. فلا يخالفهُ. وكان الشيباني مدعواً له كثيراً. وربما بشره بمصير الملك إلى ذريتهِ: وكانت وفاته رحمه الله في شهر صفر سنة أربع عشرة وستمائة. وقد رأس أولادهُ وانتشر ذكرهم وبعد صيتهم وظهر من شجاعتهم وبراعتهم ما لم يكن في ظن أحد من الناس واشتهروا في البلاد وعرفهم الحاضر والبادي.
وكان أتابكُ الملك المسعود في أيام دخولهِ اليمن جمالَ الدين فليتاً. فجهزه إلى صنعاء لحربٍ الإمامِ المنصور عبد الله بن حمزة في شهر جمادى الأولى من سنة اثنتي