وكان الملك الناصر صاحب مصر قد توفي وتولى الملك في الديار المصرية أخوهُ الملك العادل أبو بكر بن أيوب. فلما بلغه علم ما جرى في اليمن من قتل المعز وسم أخيه الناصر. وهما معاً ابنا أخيهِ العزيز. جهز ابن ابنهِ الملكَ المسعود صلاحَ الدين يوسف بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب في جيش كثيف إلى اليمن وموال كثيرة وحالة كبيرة. وكان يومئذ في سن البلوغ. وكتب إلى الأمير شمس الدين علي بن رسول والى سائر الأمراء المصريين باليمن يأمرهم بحسن صحبته والقيام بما يجب من خدمته. وكان دخول الملك المسعود زبيداً يوم السبت الثاني من المحرم سنة اثنتي عشرة وستمائة. وكان قد قدم قبلهُ سليمان بن تقي الدين عمر بن شاهنشاهَ بن أيوب المعروف بالصوفي ومعهُ جماعة في زي الصوفية وكان قدومهُ بعد وفاة الناصر أيوب بن طفتكينَ. فاستدعته أم الناصر المذكور لما علمت به وكانت يومئذٍ في حصن تعز فقالت لهُ: إنا نخشى أن يطمع فينا العرب ونحن نساء لا حيلة لنا وقد ساقك الله إلينا فقم بملكِ ابن عملك. فأجاب إلى ذلك فأطلعوه الحصن وأجلسوهُ على سرير الملك وحلف الجندُ. وكان ضعيفاً لا درية له بالملك. فاشتغل بالشراب واللعب حتى تصعصع الملك واستولى الإمام المنصور عبد الله بن حمزة على صنعاء وذمار وفسد الأطرافُ. فلما وصل الملكُ المسعود إلى زبيدٍ في التاريخ المذكور واستقر في الدار السلطانية بزبيد وقد ضعف عسكرهُ وكلتْ دوابه أرسل إلى سليمان بن تقي الدين وكان يومئذ في حصن تعز من يخاطبهُ بالصلح على أن يكون الجبالُ لسليمان والتهائم للمسعود. فلما سمع بذلك الأمير بدر الدين الحسن بن علي بن رسول نزل إلى الملك المسعود وحثه على الطلوع إلى تعز. فطلع وحطَّ على حصنِ تعز ولقيهُ عساكر اليمن بأسرها. فقال له الأمير بدر الدين. أرى أن تكتب إلى الجند الذين هم في حصن تعز كتاباً تقول فيه: أقسم باللهِ تعالى لئن لم تمسكوا