وفي أول يوم من ذي الحجة اخرج السلطان الأمير جمال الدين عبد الله بن علي بن وهاس من سجن تعز. وكان السلطان يومئذ في زبيد فنزل الأمير جمال الدين وصحبته والي تعز إلى الباب الشريف مخاطباً في رجوعه إلى الخدم الشريفة. ويسلم حصن ظفر فأُجيب إلى ذلك. وكانت إقامته في السجن أربع سنين لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً فأقام في زبيد أياماً وقد نزل إليهِ جماعة من أصحابه وبني عمه فاعلموه بامتناع ولده على الحصن المذكور. فسأَل من السلطان أن يقبل أولاده وبني عمه رهينة مع أربع حلل من حريمه قد صرن في صنعاء ويترك يطلع على حسب حاله ليتوصل إلى دخول الحصن ويسلمهُ إلى نواب مولانا السلطان فأذن له في ذلك فسار أي ولده. ولما طلع الحصن وتمكن منه أَخرج ولده وأمره بالمسير إلى الباب السلطاني. ويسلم الحصن إلى نواب السلطان.
وفي هذه السنة وصل الشريف أبو الغيث بن أبى نمى من مص في عسكر جرار إلى مكة فيهم من المماليك الأتراك ثلاثمائة وعشرون فارساً وخمسمائة فارس من أشراف المدينة خارجاً عما يلحقهم من المتخطفة والحرامية فلما علم بهم رميثة وحميضة هربا إلى صوب حلي بن يعقوب واستولى الشريف أبو الغيث على مكة وكان المقدم الأمير سيف الدين طقصنا. فلما وصل المحمل السعيد والعلم المنصور المؤيدي برز الأمير سيف الدين طقصنا والشريف أبو الغيث للقائه وطلعا به جبال عرفات على عادته.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل عثمان بن عبد الله بن الفقيه محمد بن يحيى بن إسحاق بن علي بن إسحاق الغاني ثم السكسكي. وكان فقيهاً صالحاً عارفاً محققاً تفقه بتهامة على الفقيه عبد الله بن علي بن إبراهيم بن عجيل وأخذ عنه أخيه يحيى. وكان كثير العزلة في بيته ويدرس فيه وقلَّ أن يخرج عنه إلا يوم الجمعة. وكان زاهداً ورعاً متعبداً لزوماً للسنة.
قال الجندي اخبرني ابن أخيه الفقيه علي بن أبى بكر. وكان أحد فقهائهم أنه أًسرَّ إليه أنه قال: " رأَيت رؤْيا إن عشت لا أخبرت بها أحدا وإن مت فأنت الخيرة